للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا مَلَكَ". فَيُوَحّدُونَهُ بِالتّلْبِيَةِ ثُمّ يُدْخِلُونَ مَعَهُ أَصْنَامَهُمْ وَيَجْعَلُونَ مُلْكَهَا بِيَدِهِ. يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمُحَمّدِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يُوسُفُ ١٠٦] أَيْ مَا يُوَحّدُونَنِي لِمَعْرِفَةِ حَقّي إلّا جَعَلُوا مَعِي شَرِيكًا مِنْ خلقي.

أصنام عِنْد قَوْمِ نُوحٍ:

وَقَدْ كَانَتْ لِقَوْمِ نُوحٍ أَصْنَامٌ قَدْ عَكَفُوا عَلَيْهَا، قَصّ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - خَبَرَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ {وَقَالُوا لَا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنّ وَدّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلّوا كَثِيرًا} [نوح: ٢٣ - ٢٤]

ــ

صَخْرَةٍ كَالنّحَاسِ وَنَحْوِهِ وَكَانَ عَمْرُو بْنُ لُحَيّ حِينَ غَلَبَتْ خُزَاعَةُ عَلَى الْبَيْتِ، وَنَفَتْ جُرْهُمُ عَنْ مَكّةَ، قَدْ جَعَلَتْهُ الْعَرَبُ رَبّا لَا يَبْتَدِعُ لَهُمْ بِدْعَةً إلّا اتّخَذُوهَا شِرْعَةً لِأَنّهُ كَانَ يُطْعِمُ النّاسَ وَيَكْسُو فِي الْمَوْسِمِ فَرُبّمَا نَحَرَ فِي الْمَوْسِمِ عَشَرَةَ آلَافِ بَدَنَةٍ وَكَسَا عَشَرَةَ آلَافِ حُلّةٍ حَتّى [قِيلَ] إنّهُ اللّاتِي الّذِي، يَلُتّ السّوِيقَ١ لِلْحَجِيجِ عَلَى صَخْرَةٍ مَعْرُوفَةٍ تُسَمّى: صَخْرَةَ اللّاتِي، وَيُقَالُ إنّ الّذِي يَلُتّ كَانَ مِنْ ثَقِيفٍ، فَلَمّا مَاتَ قَالَ لَهُمْ عَمْرٌو: إنّهُ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ دَخَلَ فِي الصّخْرَةِ ثُمّ أَمَرَهُمْ بِعِبَادَتِهَا، وَأَنْ يَبْنُوا عَلَيْهَا بَيْتًا يُسَمّى: اللّاتِي، وَيُقَالُ دَامَ أَمْرُهُ وَأَمَرَ وَلَدَهُ عَلَى هَذَا بِمَكّةَ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ فَلَمّا هَلَكَ سُمّيَتْ تِلْكَ الصّخْرَةُ اللّاتِي مُخَفّفَةَ التّاءِ وَاُتّخِذَ صَنَمًا يُعْبَدُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ، أَنّهُ أَوّلُ مَنْ أَدْخَلَ الْأَصْنَامَ الْحَرَمَ، وَحَمَلَ النّاسَ عَلَى عِبَادَتِهَا، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ إسَافٍ وَنَائِلَةَ وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي أَمْرِهِمَا.

وَذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيّ فِي أَخْبَارِ مَكّةَ أَنّ عَمْرَو بْنَ لُحَيّ فَقَأَ أَعْيُنِ عِشْرِينَ بَعِيرًا، وَكَانُوا يَفْقَئُونَ عَيْنَ الْفَحْلِ إذَا بَلَغَتْ الْإِبِلُ أَلْفًا، فَإِذَا بَلَغَتْ أَلْفَيْنِ فَقَئُوا الْعَيْنَ الْأُخْرَى قَالَ الرّاجِزُ:

وَكَانَ شُكْرُ الْقَوْمِ عِنْدَ الْمِنَنِ ... كَيّ الصّحِيحَاتِ وَفَقْأُ الْأَعْيُنِ

وَكَانَتْ التّلْبِيَةُ مِنْ عَهْدِ إبْرَاهِيمَ: لَبّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبّيْكَ حَتّى كَانَ


١ طَعَام يتَّخذ من مدقوق الْحِنْطَة وَالشعِير.

<<  <  ج: ص:  >  >>