إنْ كَانَ فِي النّاسِ سَبّاقُونَ بَعْدَهُمْ ... فَكُلّ سَبْقٍ لِأَدْنَى سَبْقِهِمْ تَبَعُ
لَا يَرْفَعُ النّاسُ مَا أَوْهَتْ أَكُفّهُمْ ... عِنْدَ الدّفَاعِ وَلَا يُوهُونَ مَا رَقَعُوا
إنْ سَابَقُوا النّاسَ يَوْمًا فَازَ سَبْقُهُمْ ... أَوْ وَازَنُوا أَهْلَ مَجْدٍ بِالنّدَى مَتَعُوا
أَعِفّةٌ ذُكِرَتْ فِي الْوَحْيِ عِفّتُهُمْ ... لَا يَطْمَعُونَ وَلَا يُرْدِيهِمْ طَمَعُ
لَا يَبْخَلُونَ عَلَى جَارٍ بِفَضْلِهِمْ ... وَلَا يَمَسّهُمْ مِنْ مَطْمَعٍ طَبَعُ
إذَا نَصَبْنَا لِحَيّ لَمْ نَدِبّ لَهُمْ ... كَمَا يَدِبّ إلَى الْوَحْشِيّةِ الذّرَعُ
نَسْمُو إذَا الْحَرْبُ نَالَتْنَا مَخَالِبُهَا ... إذَا الزّعَانِفُ مِنْ أَظْفَارِهَا خَشَعُوا
لَا يَفْخَرُونَ إذَا نَالُوا عَدُوّهُمْ ... وَإِنْ أُصِيبُوا فَلَا خُورٌ وَلَا هُلُعُ
كَأَنّهُمْ فِي الْوَغَى وَالْمَوْتِ مُكْتَنِعٌ ... أُسْدٌ بِحَلْبَةَ فِي أَرْسَاغِهَا فَدَعُ
خُذْ مِنْهُمْ مَا أَتَى عَفْوًا إذَا غَضِبُوا ... وَلَا يَكُنْ هَمّك الْأَمْرَ الّذِي مَنَعُوا
فَإِنّ فِي حَرْبِهِمْ فَاتْرُكْ عَدَاوَتَهُمْ ... شَرّا يُخَاضُ عَلَيْهِ السّمّ وَالسّلَعُ
ــ
يُرِيدُ أَنّهُمْ كَانُوا إذَا اسْتَسْقَوْا فِي الْجَاهِلِيّةِ رَبَطُوا السّلَعَ وَالْعُشَرَ فِي أَذْنَابِ الْبَقَرِ.
وَقَوْلُهُ: شَمَعُوا، أَيْ ضَحِكُوا وَمَزَحُوا. قَالَ الشّاعِرُ [الْمُتَنَخّلُ الْهُذَلِيّ] يَصِفُ الْأَضْيَافَ
وَأَبْدَؤُهُمْ بِمَشْمَعَةٍ وَأُثْنِي ... بِجُهْدِي مِنْ طَعَامٍ أَوْ بِسَاطِ
وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ تَتَبّعَ الْمَشْمَعَةَ شَمّعَ اللهُ بِهِ. يُرِيدُ مِنْ ضَحِكَ مِنْ النّاسِ وَأَفْرَطَ فِي الْمَزْحِ.
وَقَوْلُهُ:
أَوْ وَازَنُوا أَهْلَ مَجْدٍ بِالنّدَى مَتَعُوا
أَيْ ارْتَفَعُوا، يُقَال: مَتَعَ النّهَارُ إذَا ارْتَفَعَ.