للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعد وعبدته:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ لِبَنِي مِلْكَانَ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ سَعْدٌ صَخْرَةٌ بِفَلَاةِ مِنْ أَرْضِهِمْ طَوِيلَةٌ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مِلْكَانَ بِإِبِلِ لَهُ مُؤَبّلَةً لِيَقِفَهَا عَلَيْهِ الْتِمَاسَ بَرَكَتِهِ - فِيمَا يَزْعُمُ - فَلَمّا رَأَتْهُ الْإِبِلُ وَكَانَتْ مَرْعِيّةً لَا تُرْكَبُ وَكَانَ يُهْرَاقُ عَلَيْهِ الدّمَاءُ نَفَرَتْ مِنْهُ فَذَهَبَتْ فِي كُلّ وَجْهٍ وَغَضِبَ رَبّهَا الْمِلْكَانِيّ، فَأَخَذَ حَجَرًا فَرَمَاهُ بِهِ ثُمّ قَالَ لَا بَارَكَ اللهُ فِيك، نَفّرْت عَلَيّ إبِلِي، ثُمّ خَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتّى جَمَعَهَا، فَلَمّا اجْتَمَعَتْ لَهُ قَالَ:

أَتَيْنَا إلَى سَعْدٍ لِيَجْمَعَ شَمْلَنَا ... فَشَتّتَنَا سَعْدٌ فَلَا نَحْنُ مِنْ سَعْدِ

وَهَلْ سَعْدُ إلّا صَخْرَةٌ بِتَنُوفَةِ ... مِنْ الْأَرْضِ لَا تَدْعُو لِغَيّ وَلَا رشد

صنم دوس:

وَكَانَ فِي دَوْسٍ صَنَمٌ لِعَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ الدّوْسِيّ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: سَأَذْكُرُ حَدِيثَهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ الله.

ــ

وَذَكَرَ حَدِيثَ الْمِلْكَانِيّ وَقَوْلَهُ:

فَشَتّتَنَا سَعْدٌ فَلَا نَحْنُ مِنْ سَعْدِ

وَيَمْتَنِعُ فِي الْعَرَبِيّةِ دُخُولُ لَا عَلَى الِابْتِدَاءِ الْمُعْرِفَةِ وَالْخَبَرِ إلّا مَعَ تَكْرَارٍ لَا، مِثْلَ أَنْ تَقُولَ لَا زَيْدٌ فِي الدّارِ وَلَا عَمْرٌو، وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ قَوْلَهُمْ لَا نَوْلُك أَنْ تَفْعَلَ وَقَالَ إنّمَا جَازَ هَذَا ; لِأَنّ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْفِعْلِ أَيْ لَا يَنْبَغِي لَك أَنْ تَفْعَلَ١ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي بَيْتِ الْمِلْكَانِيّ أَيْ لَمْ يَقُلْهَا عَلَى جِهَةِ الْخَبَرِ، وَلَكِنْ عَلَى قَصْدِ التّبَرّي مِنْهُ فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ فَلَا نَتَوَلّى سَعْدًا، وَلَا نَدِينُ بِهِ فَهَذَا الْمَعْنَى حَسّنَ دُخُولَ لَا عَلَى الِابْتِدَاءِ كَمَا حَسُنَ لَا نَوْلُك.


١ وَمثلهَا: نوالك ومنوالك، وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أما نول: فَتَقول: نولك أَن تفعل كَذَا، أَي يَنْبَغِي لَك فعل كَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>