فَجَعَنِي الْبَرْق وَالصَّوَاعِق ... بالفارس يَوْمَ الْكَرِيهَةِ النّجِدِ
وَالْحَارِبِ الْجَابِرِ الْحَرِيبَ إذَا ... جَاءَ نَكِيبًا وَإِنْ يَعُدْ يَعْدِ
يَعْفُو عَلَى الْجَهْدِ وَالسّؤَالِ كَمَا ... يَنْبُتُ غَيْثُ الرّبِيعِ ذُو الرّصَدِ
كُلّ بَنِي حُرّةٍ مُصِيرُهُمْ ... قُلّ وَإِنْ أَكْثَرَتْ مِنْ الْعَدَدِ
إنْ يُغْبِطُوا يُهْبَطُوا وَإِنْ أُمِرُوا ... يَوْمًا فَهُمْ لِلْهَلَاكِ وَالنّفَدِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بَيْتُهُ وَالْحَارِبِ الْجَابِرِ الْحَرِيبَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَبَيْتُهُ يَعْفُو عَلَى الْجَهْدِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ لَبِيدٌ أَيْضًا يَبْكِي أَرْبَدَ
أَلَا ذَهَبَ الْمَحَافِظُ وَالْمُحَامِي ... وَمَانِعُ ضَيْمِهَا يَوْمَ الْخِصَامِ
وَأَيْقَنْت التّفَرّقَ يَوْمَ قَالُوا ... تُقُسّمَ مَالُ أَرْبَدَ بِالسّهَامِ
تَطِيرُ عَدَائِدُ الْأَشْرَاكِ شَفْعًا ... وَوِتْرًا وَالزّعَامَةُ لِلْغُلَامِ
فَوَدّعْ بِالسّلَامِ أَبَا حُرَيْزٍ ... وَقَلّ وَدَاعُ أَرْبَدَ بِالسّلَامِ
وَكُنْت إمَامَنَا وَلَنَا نِظَامًا ... وَكَانَ الْجَزْعُ يُحْفَظُ بِالنّظَامِ
وَأَرْبَدُ فَارِسُ الْهَيْجَا إذَا مَا ... تَقَعّرَتْ الْمَشَاجِرُ بِالْفِئَامِ
ــ
عَنْ لَبِيدٍ:
عَلَى أَنّ لَبِيدًا رَحِمَهُ اللهُ قَدْ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَعَاشَ فِي الْإِسْلَامِ سِتّينَ سَنَةً لَمْ يَقُلْ فِيهَا بَيْتَ شِعْرٍ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ تَرْكِهِ الشّعْرَ فَقَالَ مَا كُنْت لِأَقُولَ شِعْرًا بَعْدَ أَنْ عَلّمَنِي اللهُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَزَادَهُ عُمَرُ فِي عَطَائِهِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْقَوْلِ فَكَانَ عَطَاؤُهُ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ فَلَمّا كَانَ مُعَاوِيَةُ أَرَادَ أَنْ يَنْقُصَهُ مِنْ عَطَائِهِ الْخَمْسَمِائَةِ وَقَالَ لَهُ مَا بَالُ الْعِلَاوَةِ فَوْقَ الْفَوْدَيْنِ؟ فَقَالَ لَهُ لَبِيدٌ الْآنَ أَمُوتُ وَتَصِيرُ لَك الْعِلَاوَةُ وَالْفَوْدَانِ فَرَقّ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَتَرَكَهَا لَهُ فَمَاتَ لَبِيدٌ إثْرَ ذَلِكَ بِأَيّامٍ قَلِيلَةٍ وَقَدْ قِيلَ إنّهُ قَالَ بَيْتًا وَاحِدًا فِي الْإِسْلَامِ
الْحَمْدُ لِلّهِ إذْ لَمْ يَأْتِنِي أَجَلِي ... حَتّى اكْتَسَيْت مِنْ الْإِسْلَامِ سِرْبَالًا