وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ يَدْفَعُ عَنْ مُحَلّمِ بْنِ جَثّامَةَ، لِمَكَانِهِ مِنْ خَنْدَفٍ، فَتَدَاوَلَا الْخُصُومَةَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَسَمِعْنَا عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَهُوَ يَقُولُ وَاَللهِ يَا رَسُولَ اللهِ لَا أَدَعُهُ حَتّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنْ الْحُرْقَةِ مِثْلَ مَا أَذَاقَ نِسَائِي، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "بَلْ تَأْخُذُونَ الدّيَةَ خَمْسِينَ فِي سَفَرِنَا هَذَا، وَخَمْسِينَ إذَا رَجَعْنَا"، وَهُوَ يَأْبَى عَلَيْهِ إذَا قَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ مُكَيْثِرٌ قَصِيرٌ مَجْمُوعٌ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مكبتل - فَقَالَ وَاَللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا وَجَدْت لِهَذَا الْقَتِيلِ شَبَهًا فِي غُرّةِ الْإِسْلَامِ إلّا كَغَنَمِ وُرِدَتْ فَرَمَيْت أُولَاهَا، فَنَفَرْت أُخْرَاهَا، أَسْنُنْ الْيَوْمَ وَغَيّرْ غَذًا. قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ. فَقَالَ " بَلْ تَأْخُذُونَ الدّيَةَ خَمْسِينَ فِي سَفَرِنَا هَذَا، وَخَمْسِينَ إذَا رَجَعْنَا ". قَالَ فَقَبِلُوا الدّيَةَ. قَالَ ثُمّ قَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكُمْ هَذَا، يَسْتَغْفِرُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ آدَمُ ضَرْبٌ طَوِيلٌ عَلَيْهِ حُلّةٌ لَهُ قَدْ كَانَ تَهَيّأَ لِلْقَتْلِ فِيهَا: حَتّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ " مَا اسْمُك؟ " قَالَ أَنا محلم بْنُ جَثّامَةَ قَالَ رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ثُمّ قَالَ " اللهُمّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلّمِ بْنِ جَثّامَةَ" ثَلَاثًا. قَالَ فَقَامَ وَهُوَ يَتَلَقّى دَمْعَهُ بِفَضْلِ رِدَائِهِ. قَالَ فَأَمّا نَحْنُ فَنَقُولُ فِيمَا بَيْنَنَا: إنّا لَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ قَدْ اسْتَغْفَرَ لَهُ وَأَمّا مَا ظَهَرَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا.
مَوْتُ مُحَلّمٍ وَمَا حَدَثَ لَهُ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ " أَمّنْته بِاَللهِ ثُمّ قَتَلْته " ثُمّ قَالَ لَهُ الْمَقَالَةَ الّتِي قَالَ قَالَ فَوَاَللهِ مَا مَكَثَ مُحَلّمُ بْنُ جَثّامَةَ إلّا سَبْعًا حَتّى مَاتَ فَلَفَظَتْهُ - وَاَلّذِي نَفْسُ الْحَسَنِ بِيَدِهِ - الْأَرْضُ ثُمّ عَادُوا لَهُ فَلَفَظَتْهُ الْأَرْضُ ثُمّ عَادُوا فَلَفَظَتْهُ فَلَمّا غَلَبَ قَوْمُهُ عَمِدُوا إلَى صُدّيْنِ فَسَطَحُوهُ بَيْنَهُمَا ثُمّ رَضَمُوا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ حَتّى وَارَوْهُ قَالَ فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنُهُ فَقَالَ " وَاَللهِ إنّ الْأَرْضَ لَتَطّابَقُ عَلَى مَنْ هُوَ شَرّ مِنْهُ وَلَكِنّ اللهَ أَرَادَ أَنْ يَعِظَكُمْ فِي حُرْمِ مَا بَيْنَكُمْ بِمَا أَرَاكُم مِنْهُ "
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute