للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْيَا أَبَاهُ هَاشِمُ بْنُ حَرْمَلَهْ ... يَوْمَ الْهَبَاءَاتِ وَيَوْمَ الْيَعْمَلَهْ

تَرَى الْمُلُوكَ عِنْدَهُ مُغَرْبَلَهْ ... يَقْتُلُ ذَا الذّنْبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ

هَاشم بن حَرْمَلَة، وعامر الحصعي:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِعَامِرِ الْخَصَفِيّ خَصَفَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ:

أَحْيَا أَبَاهُ هَاشِمُ بْنُ حَرْمَلَهْ ... يَوْمَ الْهَبَاءَاتِ وَيَوْمَ الْيَعْمَلَهْ

تَرَى الْمُلُوكَ عِنْدَهُ مُغَرْبَلَهْ ... يَقْتُلُ ذَا الذّنْبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ

وَرُمْحُهُ لِلْوَالِدَاتِ مَثْكَلَهْ

وَحَدّثَنِي أَنّ هَاشِمًا قَالَ لِعَامِرِ قُلْ فِيّ بَيْتًا جَيّدًا أُثِبْك عَلَيْهِ فَقَالَ عَامِرٌ الْبَيْتَ الْأَوّلَ فَلَمْ يُعْجِبْ هَاشِمًا، ثُمّ قَالَ الثّانِي، فَلَمْ يُعْجِبْهُ ثُمّ قَالَ الثّالِثُ فَلَمْ يُعْجِبْهُ فَلَمّا قَالَ الرّابِعُ:

ــ

غَرْبَلَ الْقَتِيلُ إذَا انْتَفَخَ وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ١ وَإِنْ كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنّفِ وَأَيْضًا: فَإِنّ الرّوَايَةَ بِفَتْحِ الْبَاءِ مُغَرْبَلَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ يَتَخَيّرُ الْمُلُوكَ فَيَقْتُلُهُمْ وَاَلّذِي أَرَاهُ فِي ذَلِكَ أَنّهُ يُرِيدُ بِالْغَرْبَلَةِ اسْتِقْصَاءَهُمْ وَتَتْبَعُهُمْ كَمَا قَالَ مَكْحُولٌ الدّمَشْقِيّ: وَدَخَلَتْ الشّامَ، فَغَرْبَلْتهَا غَرْبَلَةً حَتّى لَمْ أَدَعْ عِلْمًا إلّا حَوَيْته، فِي كُلّ ذَلِكَ أَسْأَلُ عَنْ الْبَقْلِ.

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَمَعْنَى هَذَا: التّتَبّعُ وَالِاسْتِقْصَاءُ وَكَأَنّهُ مِنْ غَرْبَلْت الطّعَامَ. إذَا تَتَبّعْته بِالِاسْتِخْرَاجِ حَتّى لَا تَبْقَى إلّا الْحُثَالَةُ. وَقَوْلُهُ:

يَقْتُلُ ذَا الذّنْبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ

إنّمَا أَعْجَبَ هَاشِمًا هَذَا الْبَيْتُ لِأَنّهُ وَصَفَهُ فِيهِ بِالْعِزّ وَالِامْتِنَاعِ وَأَنّهُ لَا يَخَافُ حَاكِمًا يُعْدِي عَلَيْهِ وَلَا تِرَةً مِنْ طَالِبِ ثَأْرٍ. وَهَاشِمُ بْنُ حَرْمَلَةَ هَذَا هُوَ جَدّ مَنْظُورُ بْنُ


١ المغربل: اسْم مفعول الْمَقْتُول المنتفخ، وَعند الْخُشَنِي ص٣٥: مغربلة: مقتولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>