للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فِي رَجُلٍ خُنْثَى، لَهُ مَا لِلرّجُلِ وَلَهُ مَا لِلْمَرْأَةِ فَقَالُوا: أَنَجْعَلُهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً؟ وَلَمْ يَأْتُوهُ بِأَمْرِ كَانَ أَعْضَلَ مِنْهُ. فَقَالَ حَتّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِكُمْ فَوَاَللهِ مَا نَزَلَ بِي مِثْلُ هَذِهِ مِنْكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ فَاسْتَأْخَرُوا عَنْهُ. فَبَاتَ لَيْلَتَهُ سَاهِرًا يُقَلّبُ أَمْرَهُ وَيَنْظُرُ فِي شَأْنِهِ لَا يَتَوَجّهُ لَهُ مِنْهُ وَجْهٌ وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: سُخَيْلَةُ تَرْعَى عَلَيْهِ غَنَمَهُ وَكَانَ يُعَاتِبُهَا إذَا سَرَحَتْ فَيَقُولُ صَبّحْت وَاَللهِ يَا سُخَيْلَ وَإِذَا أَرَاحَتْ عَلَيْهِ قَالَ مَسّيْتِ وَاَللهِ يَا سُخَيْلَ وَذَلِكَ أَنّهَا كَانَتْ تُؤَخّرُ السّرْحَ حَتّى يَسْبِقَهَا بَعْضُ النّاسِ وَتُؤَخّرُ الْإِرَاحَةَ حَتّى يَسْبِقَهَا بَعْضُ النّاسِ. فَلَمّا رَأَتْ سَهَرَهُ وَقَلَقَهُ وَقِلّةَ قَرَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَتْ مَا لَك لَا أَبَا لَك مَا عَرَاك فِي لَيْلَتِك هَذِهِ؟ قَالَ وَيْلَك دَعِينِي، أَمْرٌ لَيْسَ مِنْ شَأْنِك، ثُمّ عَادَتْ لَهُ بِمِثْلِ قَوْلِهَا، فَقَالَ فِي نَفْسِهِ عَسَى أَنْ تَأْتِيَ مِمّا أَنَا فِيهِ بِفَرَجِ فَقَالَ وَيْحَك اُخْتُصِمَ إلَيّ فِي مِيرَاثِ خُنْثَى، أَأَجْعَلُهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً؟ فَوَاَللهِ مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مَا يَتَوَجّهُ لِي فِيهِ وَجْهٌ؟ قَالَ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللهِ لَا أَبَا لَك أَتْبِعْ الْقَضَاءَ الْمَبَالَ أَقْعِدْهُ فَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرّجُلُ فَهُوَ رَجُلٌ وَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَهِيَ امْرَأَةٌ. قَالَ مَسّي سُخَيْلَ بَعْدَهَا، أَوْ صَبّحِي، فَرّجْتهَا وَاَللهِ ثُمّ خَرَجَ عَلَى النّاسِ حِينَ أَصْبَحَ فَقَضَى بِاَلّذِي أَشَارَتْ عَلَيْهِ بِهِ.

ــ

وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللهُمّ بَغّضْ بَيْنَ رِعَائِنَا، وَحَبّبْ بَيْنَ نِسَائِنَا، وَاجْعَلْ الْمَالَ فِي سَمْحَائِنَا: وَهُوَ أَوّلُ مَنْ جَعَلَ الدّيَةَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ فِيمَا ذَكَرَ أَبُو الْيَقْظَانِ حَكَاهُ عَنْهُ حَمْزَةُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيّ.

وَقَوْلُهُ وَعَنْ مَوَالِيهِ بَنِي فَزَارَهْ. يَعْنِي بِمَوَالِيهِ بَنِي عَمّهِ لِأَنّهُ مِنْ عَدْوَانَ وَعَدْوَانُ وَفَزَارَةُ مِنْ قَيْسِ عَيْلَانَ، وَقَوْلُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو جَارَهْ. أَيْ يَدْعُو اللهَ عَزّ وَجَلّ يَقُولُ اللهُمّ كُنْ لَنَا جَارًا مِمّا نَخَافُهُ أَيْ مُجِيرًا.

الْحُكْمُ بِالْأَمَارَاتِ:

فَصْلٌ وَذَكَرَ عَامِرُ بْنُ الظّرِبِ وَحُكْمُهُ فِي الْخُنْثَى، وَمَا أَفْتَتْهُ بِهِ جَارِيَتُهُ سُخَيْلَةُ وَهُوَ حُكْمٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الشّرْعِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ وَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>