للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَدَاعَتْ قَبَائِلُ مِنْ قُرَيْشٍ إلَى حِلْفٍ فَاجْتَمَعُوا لَهُ فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ، لِشَرَفِهِ وَسِنّهِ. فَكَانَ حِلْفَهُمْ عِنْدَهُ بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطّلِبِ، وَأَسَدَ بْنَ عَبْدِ الْعُزّى، وَزُهْرَةُ بْنُ كِلَابٍ، وَتَيْمِ بْنِ

ــ

فُضَيْلُ بْنُ الْحَارِثِ. هَذَا قَوْلُ الْقُتَبِيّ. وَقَالَ الزّبَيْرُ: الْفُضَيْلُ بْنُ شُرَاعَةَ وَالْفَضْلُ بْنُ وَدَاعَةَ، وَالْفَضْلُ بْنُ قُضَاعَةَ، فَلَمّا أَشْبَهَ حِلْفُ قُرَيْشٍ الْآخَرُ فِعْلَ هَؤُلَاءِ الْجُرْهُمِيّينَ سُمّيَ حِلْفَ الْفُضُولِ وَالْفُضُولُ جَمْعُ فَضْلٍ وَهِيَ أَسْمَاءُ أُولَئِكَ الّذِينَ تَقَدّمَ ذِكْرُهُمْ. وَهَذَا الّذِي قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ حَسَنٌ وَلَكِنْ فِي الْحَدِيثِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَأَوْلَى. رَوَى الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ مُحَمّدٍ وَعَبْدِ الرّحْمَنِ ابْنَيْ أَبِي بَكْرٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "لَقَدْ شَهِدْت فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا لَوْ دُعِيت بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْت. تَحَالَفُوا أَنْ تُرَدّ الْفُضُولُ١ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَلّا يَعُزّ ظَالِمٌ مَظْلُومًا". وَرَوَاهُ فِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ التّمِيمِيّ، فَقَدْ بَيّنَ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَ سُمّيَ حِلْفَ الْفُضُولِ وَكَانَ حِلْفُ الْفُضُولِ بَعْدَ الْفُجّارِ وَذَلِكَ أَنّ حَرْبَ الْفُجّارِ٢ كَانَتْ فِي شَعْبَانَ وَكَانَ حِلْفُ الْفُضُولِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِعِشْرِينَ سَنَةً وَكَانَ حِلْفُ الْفُضُولِ أَكْرَمَ حِلْفٍ سُمِعَ بِهِ وَأَشْرَفَهُ فِي الْعَرَبِ. وَكَانَ أَوّلَ مَنْ تَكَلّمَ بِهِ وَدَعَا إلَيْهِ الزّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَكَانَ سَبَبُهُ أَنّ رَجُلًا مِنْ زُبَيْدٍ قَدِمَ مَكّةَ بِبِضَاعَةِ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ وَكَانَ ذَا قَدْرٍ بِمَكّةَ وَشَرَفٍ فَحَبَسَ عَنْهُ حَقّهُ فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ الزّبَيْدِيّ الْأَحْلَافَ: عَبْدَ الدّارِ وَمَخْزُومًا وَجُمَحَ وَسَهْمًا وَعَدِيّ بْنَ كَعْبٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُوهُ عَلَى الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ وَزَبَرُوهُ أَيْ انْتَهَرُوهُ فَلَمّا رَأَى الزّبَيْدِيّ الشّرّ أَوْفَى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ٣ عِنْدَ طُلُوعِ الشّمْسِ وَقُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهِمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ:

يَا آلَ فِهْرٍ لِمَظْلُومِ بِضَاعَتُهُ ... بِبَطْنِ مَكّةَ نَائِي الدّارِ وَالنّفَرِ


١ أَي تحالفوا أَلا يتْركُوا عِنْد أحد فضلا يَظْلمه أحدا إِلَّا أَخَذُوهُ لَهُ مِنْهُ.
٢ أَيَّام الْفجار كَانَت بَين قيس وقريش وَقيل: أَيَّام الْفجار: أَيَّام وقائع كَانَت بَين الْعَرَب تفاجروا فِيهَا بعكاظ، فاستحلوا الحرمات.
٣ جبل بِمَكَّة سمي بِرَجُل من مذْحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>