للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرّةَ فَتَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَى أَنْ لَا يَجِدُوا بِمَكّةَ مَظْلُومًا مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ مِمّنْ دَخَلَهَا مِنْ سَائِرِ النّاسِ إلّا قَامُوا مَعَهُ وَكَانُوا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ حَتّى تُرَدّ عَلَيْهِ مَظْلِمَتُهُ فَسَمّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حلف الفضول.

ــ

نُبَيْهُ بْنُ الْحَجّاجِ١ وَغَيّبَهَا عَنْهُ فَقَالَ الْخَثْعَمِيّ: مَنْ يُعْدِينِي عَلَى هَذَا الرّجُلِ فَقِيلَ لَهُ عَلَيْك بِحِلْفِ الْفُضُولِ فَوَقَفَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَنَادَى: يَا لَحِلْفِ الْفُضُولِ فَإِذَا هُمْ يُعْنِقُونَ إلَيْهِ مِنْ كُلّ جَانِبٍ وَقَدْ انْتَضَوْا أَسْيَافَهُمْ يَقُولُونَ جَاءَك الْغَوْثُ، فَمَا لَك؟ فَقَالَ إنّ نُبَيْهًا ظَلَمَنِي فِي ابْنَتِي، وَانْتَزَعَهَا مِنّي قَسْرًا، فَسَارُوا مَعَهُ حَتّى وَقَفُوا عَلَى بَابِ الدّارِ فَخَرَجَ إلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُ أَخْرِجْ الْجَارِيَةَ وَيْحَك، فَقَدْ عَلِمْت مَنْ نَحْنُ وَمَا تَعَاقَدْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ أَفْعَلُ وَلَكِنْ مَتّعُونِي بِهَا اللّيْلَةَ فَقَالُوا لَهُ لَا وَاَللهِ وَلَا شَخْبَ لِقْحَةٍ٢ فَأَخْرَجَهَا إلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ:

رَاحَ صَحْبِي وَلَمْ أُحَيّ الْقَتُولَا ... لَمْ أُوَدّعْهُمْ وَدَاعًا جَمِيلَا

إذْ أَجَدّ الْفُضُولُ أَنْ يَمْنَعُوهَا ... قَدْ أَرَانِي، وَلَا أَخَافُ الْفُضُولَا

لَا تَخَالِي أَنّي عَشِيّةَ رَاحَ الرّ ... كْبُ هُنْتُمْ عَلَيّ أَلّا أَقُوّلَا

فِي أَبْيَاتٍ غَيْرِ هَذِهِ ذَكَرَهَا الزّبَيْرُ وَذَكَرَ مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا أَيْضًا:

حَلّتْ تِهَامَةُ حِلّةً ... مِنْ بَيْتِهَا وَوِطَائِهَا

وَلَهَا بِمَكّةَ مَنْزِلٌ ... مِنْ سَهْلِهَا وَحِرَائِهَا

أَخَذَتْ بَشَاشَةَ قَلْبِهِ ... وَنَأَتْ فَكَيْفَ بِنَأْيِهَا

الْحِلْفُ وَابْنُ جُدْعَانَ:

فَصْلٌ وَذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ"لَقَدْ شَهِدْت فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا


١ هُوَ نبيه بن الْحجَّاج بن عَامر بن حُذَيْفَة بن سعد بن سهم بن عَمْرو بن هصيص بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب. انْظُر:"التَّجْرِيد" ص١٨١٠.
٢ أصل الشخب: مَا خرج من الضَّرع من اللَّبن، واللقحة بِكَسْر اللَّام وَفتحهَا: النَّاقة الْقَرِيبَة الْعَهْد بالنتاج، أَو الغزيرة اللَّبن.

<<  <  ج: ص:  >  >>