. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِي الْحَرَمِ، وَاسْتَخَفّوا بِالْمَنَاسِكِ وَالْحُرَمِ، وَبَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَاجْتَرَمَ تَغَوّرَ مَاءُ زَمْزَمَ وَاكْتُتِمَ فَلَمّا أَخْرَجَ اللهُ جُرْهُمًا مِنْ مَكّةَ بِالْأَسْبَابِ الّتِي تَقَدّمَ ذِكْرُهَا عَمَدَ الْحَارِثُ بْنُ مُضَاضٍ الْأَصْغَرُ إلَى مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ مَالِ الْكَعْبَةِ، وَفِيهِ غَزَالَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْيَافٌ قَلْعِيّةٌ١ كَانَ سَاسَانُ مَلِكُ الْفُرْسِ قَدْ أَهْدَاهَا إلَى الْكَعْبَةِ، وَقِيلَ سَابُورُ وَقَدْ قَدّمْنَا أَنّ الْأَوَائِلَ مِنْ مُلُوكِ الْفُرْسِ كَانَتْ تَحُجّهَا إلَى عَهْدِ سَاسَانَ أَوْ سَابُورَ فَلَمّا عَلِمَ ابْنُ مُضَاضٍ أَنّهُ مُخْرَجٌ مِنْهَا، جَاءَ تَحْتَ جُنْحِ اللّيْلِ حَتّى دَفَنَ ذَلِكَ فِي زَمْزَمَ، وَعَفّى عَلَيْهَا، وَلَمْ تَزَلْ دَارِسَةً عَافِيًا أَثَرُهَا، حَتّى آنَ مَوْلِدُ الْمُبَارَكِ الّذِي كَانَ يُسْتَسْقَى بِوَجْهِهِ غَيْثُ السّمَاءِ وَتَتَفَجّرُ مِنْ بَنَانِهِ يَنَابِيعُ الْمَاءِ صَاحِبُ الْكَوْثَرِ وَالْحَوْضِ الرّوَاءِ فَلَمّا آنَ ظُهُورُهُ أَذِنَ اللهُ تَعَالَى لِسُقْيَا أَبِيهِ أَنْ تَظْهَرَ وَلِمَا انْدَفَنَ مِنْ مَائِهَا أَنْ تَجْتَهِرَ فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ سَقَتْ النّاسَ بَرَكَتُهُ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ وَسُقُوا بِدَعْوَتِهِ وَهُوَ طِفْلٌ حِينَ أَجْدَبَتْ الْبَلَدُ وَذَلِكَ حِينَ خَرَجَ بِهِ جَدّهُ مُسْتَسْقِيًا لِقُرَيْشِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ - فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللهُ -
وَسُقِيَتْ الْخَلِيقَةُ كُلّهَا غُيُوثَ السّمَاءِ فِي حَيَاتِهِ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ وَالْمَرّةَ بَعْدَ الْمَرّةِ، وَتَارَةً بِدُعَائِهِ وَتَارَةً مِنْ بَنَانِهِ وَتَارَةً بِإِلْقَاءِ سَهْمِهِ ثُمّ بَعْدَ مَوْتِهِ - عَلَيْهِ السّلَامُ - اسْتَشْفَعَ عُمَرُ بِعَمّهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - عَامَ الرّمَادَةِ. وَأَقْسَمَ عَلَيْهِ بِهِ وَبِنَبِيّهِ فَلَمْ يَبْرَحْ حَتّى قَلَصُوا لِمَازِرٍ وَاعْتَلَقُوا الْحِذَاءَ وَخَاضُوا الْغُدْرَانَ وَسَمِعَتْ الرّفَاقُ الْمُقْبِلَةُ إلَى الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ صَائِحًا يَصِيحُ فِي السّحَابِ أَتَاك الْغَوْثُ أَبَا حَفْصٍ أَتَاك الْغَوْثُ أَبَا حَفْصٍ كُلّ هَذَا بِبَرَكَةِ الْمُبْتَعَثِ بِالرّحْمَتَيْنِ وَالدّاعِي إلَى الْحَيَاتَيْنِ الْمَوْعُودِ بِهِمَا عَلَى يَدَيْهِ فِي الدّارَيْنِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةً تَصْعَدُ وَلَا تَنْفَدُ وَتَتّصِلُ وَلَا تَنْفَصِلُ وَتُقِيمُ وَلَا تَرِيمُ، إنّهُ مُنْعِمٌ كَرِيمٌ.
أَسْمَاءُ زَمْزَمَ:
فَصْلٌ: فَأُرِيَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ فِي مَنَامِهِ أَنْ احْفِرْ طِيبَةَ، فَسُمّيَتْ طِيبَةَ، لِأَنّهَا
١ نِسْبَة إِلَى قلعة بِفَتْح فَسُكُون بلد بِالْهِنْدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute