عبد الْمطلب وَابْنه الْحَارِث وَمَا كَانَ بَينهمَا وَبَين قُرَيْش عِنْد حفرهما زَمْزَم:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا بُيّنَ لَهُ شَأْنُهَا، وَدُلّ عَلَى مَوْضِعِهَا، وَعَرَفَ أَنّهُ قَدْ صُدِقَ غَدَا بِمِعْوَلِهِ وَمَعَهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، لَيْسَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَلَدٌ غَيْرُهُ فَحَفَرَ فِيهَا. فَلَمّا بَدَا لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ الطّيّ، كَبّرَ فَعَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنّهُ قَدْ أَدْرَكَ حَاجَتَهُ فَقَامُوا إلَيْهِ فَقَالُوا: يَا عَبْدَ الْمُطّلِبِ، إنّهَا بِئْرُ أَبِينَا إسْمَاعِيلَ وَإِنّ لَنَا فِيهَا حَقّا فَأَشْرِكْنَا مَعَك فِيهَا. قَالَ مَا أَنَا بِفَاعِلِ إنّ هَذَا الْأَمْرَ قَدْ خُصِصْت بِهِ دُونَكُمْ وَأُعْطِيته مِنْ بَيْنِكُمْ فَقَالُوا
ــ
فَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ مَعْنَى قَوْلِهِ. وَلَا تُذَمّ ; لِأَنّهُ نَفْيٌ مُطْلَقٌ وَخَبَرٌ صَادِقٌ وَاَللهُ أَعْلَمُ - وَحَدِيثُ الْبِئْرِ الذّمّةِ الّتِي ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ، حَدّثَنَا بِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيّ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْمُطَهّرِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الرّجَاءِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلّادٍ قَالَ حَدّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ. قَالَ حَدّثَنَا أَبُو النّضْرِ قَالَ حَدّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ كُنّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسِيرٍ فَأَتَيْنَا عَلَى رَكِيّ ذَمّةٍ يَعْنِي: قَلِيلَةَ الْمَاءِ قَالَ فَنَزَلَ فِيهَا سِتّةٌ - أَنَا سَادِسُهُمْ - مَاحَةٌ فَأُدْلِيَتْ إلَيْنَا دَلْوٌ قَالَ وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرّكِيّ فَجَعَلْنَا فِيهَا نِصْفَهَا، أَوْ قَرِيبَ ثُلُثَيْهَا، فَرُفِعَتْ إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَجِئْت بِإِنَائِي. هَلْ أَجِدُ شَيْئًا أَجْعَلُهُ فِي حَلْقِي، فَمَا وَجَدْت، فَرُفِعَتْ الدّلْوُ إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَغَمَسَ يَدَهُ فِيهَا، فَقَالَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ - قَالَ فَأُعِيدَتْ إلَيْنَا الدّلْوُ بِمَا فِيهَا، قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْت أَحَدَنَا أُخْرِجَ بِثَوْبِ خَشْيَةَ الْغَرَقِ. قَالَ ثُمّ سَاحَتْ يَعْنِي: جَرَتْ نَهَرًا١.
اشْتِقَاقُ مَفَازَةٍ:
وَذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ فِي مَسِيرِهِ مَعَ قُرَيْشٍ إلَى الْكَاهِنَةِ وَذَكَرَ الْمَفَاوِزَ الّتِي
١ أصل الحَدِيث فِي الصَّحِيح بِاخْتِصَار كثير فِي إِحْدَى الْغَزَوَات، وَهَذَا الَّذِي فِي "الرَّوْض" رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ، وَقَالَ الْحَافِظ فِي "الْفَتْح": قَالَ الْقُرْطُبِيّ: قصَّة نبع المَاء من بَين أَصَابِعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثر عَنهُ فِي عدَّة مَوَاطِن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute