الّذِي كَانَ مَعَك بِالْأَمْسِ فَلَيْسَ [لِي] بِك الْيَوْمَ حَاجَةٌ. وَقَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ - وَكَانَ قَدْ تَنَصّرَ وَاتّبَعَ الْكتب: أَنه سَيكون فِي هَذِهِ الْأُمّةِ نَبِيّ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي أَبِي إسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ أَنّهُ حُدّثَ:
أَنّ عَبْدَ اللهِ إنّمَا دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ كَانَتْ لَهُ مَعَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ وَقَدْ عَمِلَ فِي طِينٍ لَهُ وَبِهِ آثَارٌ مِنْ الطّينِ فَدَعَاهَا إلَى نَفْسِهِ فَأَبْطَأَتْ عَلَيْهِ لِمَا رَأَتْ بِهِ مِنْ أَثَرِ الطّينِ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَتَوَضّأَ وَغَسَلَ مَا كَانَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الطّينِ ثُمّ خَرَجَ عَامِدًا إلَى آمِنَةَ فَمَرّ بِهَا، فَدَعَتْهُ إلَى نَفْسِهَا، فَأَبَى عَلَيْهَا، وَعَمَدَ إلَى آمِنَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَصَابَهَا، فَحَمَلَتْ بِمُحَمّدِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمّ مَرّ بِامْرَأَتِهِ تِلْكَ فَقَالَ لَهَا: هَلْ لَك؟ قَالَتْ لَا، مَرَرْت بِي وَبَيْن عَيْنَيْك غُرّةٌ بَيْضَاءُ فَدَعَوْتُك فَأَبَيْت عَلَيّ وَدَخَلْت عَلَى آمِنَةَ فَذَهَبَتْ بِهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَزَعَمُوا أَنّ امْرَأَتَهُ تِلْكَ كَانَتْ تُحَدّثُ أَنّهُ مَرّ بِهَا وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ غُرّةٌ مِثْلُ غُرّةِ الْفَرَسِ، قَالَتْ فَدَعَوْته رَجَاءَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ بِي، فَأَبَى عَلَيّ وَدَخَلَ عَلَى آمِنَةَ فَأَصَابَهَا، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْسَطَ قَوْمِهِ نَسَبًا، وَأَعْظَمَهُمْ شَرَفًا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ــ
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ حِينَئِذٍ فِيمَا ذَكَرُوا:
أَمّا الْحَرَامُ فَالْحِمَامُ دُونَهْ ... وَالْحِلّ لَا حِلّ فَأَسْتَبِينَهْ
فَكَيْفَ بِالْأَمْرِ الّذِي تَبْغِينَهْ ... يَحْمِي الْكَرِيمُ عِرْضَهُ وَدِينَهْ؟
وَاسْمُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ رُقَيّةُ١ بِنْتُ نَوْفَلِ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ; تُكَنّى: أُمّ قَتّالٍ وَبِهَذِهِ الْكُنْيَةِ وَقَعَ ذِكْرُهَا فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ، وَذَكَرَ الْبَرْقِيّ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيّ قَالَ إنّمَا مَرّ عَلَى امْرَأَةٍ اسْمُهَا: فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرّ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النّسَاءِ وَأَعَفّهِنّ وَكَانَتْ قَرَأَتْ الْكُتُبَ فَرَأَتْ نُورَ النّبُوّةِ فِي وَجْهِهِ فَدَعَتْهُ إلَى نِكَاحِهَا، فَأَبَى، فَلَمّا أَبَى قَالَتْ:
١ فِي "الْبِدَايَة" ٢/٢٦٢: أَن اسْمهَا: رقيقَة، وَقد روى ذَلِك الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يُونُس بن بكير عَن ابْن اسحاق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute