للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رثاء حُذَيْفَة لعبد الْمطلب:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ غَانِمٍ أَخُو بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ يَبْكِي عَبْدَ الْمُطّلِبِ بْنَ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَيَذْكُرُ فَضْلَهُ وَفَضْلَ قُصَيّ عَلَى قُرَيْشٍ، وَفَضْلَ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ عَلَيْهِمْ وَذَلِك أَنّهُ أَخَذَ بِغُرْمِ أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ بِمَكّةَ، فَوَقَفَ بِهَا فَمَرّ بِهِ أَبُو لَهَبٍ عَبْدُ الْعُزّى بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، فَافْتَكّهُ:

أَعَيْنَيّ جُودَا بِالدّمُوعِ عَلَى الصّدْرِ ... وَلَا تَسْأَمَا، أُسْقِيتُمَا سَبَلَ الْقَطْرِ

وَجُودَا بِدَمْعِ وَاسْفَحَا كُلّ شَارِقٍ ... بُكَاءَ امْرِئِ لَمْ يُشْوِهِ نَائِبُ الدّهْرِ

وَسُحّا، وَجُمّا، وَاسْجُمَا مَا بَقِيتُمَا ... عَلَى ذِي حَيَاءٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَذِي سِتْرِ

عَلَى رَجُلٍ جَلْدٍ الْقُوَى، ذِي حَفِيظَةٍ ... جَمِيلِ الْمُحَيّا غَيْرِ نِكْسٍ وَلَا هَذْرِ

عَلَى الْمَاجِدِ الْبُهْلُولِ ذِي الْبَاعِ وَاللهَى ... رَبِيعِ لُؤَيّ فِي الْقُحُوطِ وَفِي الْعُسْرِ

عَلَى خَيْرِ حَافٍ مِنْ مَعَدّ وَنَاعِلٍ ... كَرِيمِ الْمَسَاعِي، طَيّبِ الْخَيْمِ وَالنّجْرِ

وَخَيْرِهُمُ أَصْلًا وَفَرْعًا وَمَعْدِنًا ... وَأَحْظَاهُمْ بِالْمَكْرُمَاتِ وَبِالذّكْرِ

وَأَوْلَاهُمْ بِالْمَجْدِ وَالْحِلْمِ وَالنّهَى ... وَبِالْفَضْلِ عِنْدَ الْمُجْحِفَاتِ مِنْ الْغُبْرِ

ــ

يُقَالُ امْرَأَةٌ عَاتِكَةٌ، وَهِيَ الْمُصَفّرَةُ لِبَدَنِهَا بِالزّعْفَرَانِ وَالطّيبِ. وَقَالَ الْقُتَبِيّ عَتَكَتْ الْقَوْسُ إذَا قَدُمَتْ١ وَبِهِ سُمّيَتْ الْمَرْأَةُ. وَالْقَوْلُ الْأَوّلُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَوْلُ أَرْوَى: وَمَعْقِلُ مَالِكٍ وَرَبِيعُ فِهْرٍ. تُرِيدُ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. وَقَوْلُهَا: بِذِي رُبَدٍ. تُرِيدُ سَيْفًا ذَا طَرَائِقَ. وَالرّبَدُ الطّرَائِقُ. وَقَالَ صَخْرٌ الْغَيّ [الْهُذَلِيّ] :

وَصَارِمٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ ... أَبْيَضُ مَهْوٌ فِي مَتْنِهِ رُبَدُ٢


١ فِي "الْقَامُوس": عتك الْقوس عتكاً: احْمَرَّتْ قدماً.
٢ خشيبة فِي الأَصْل: خشيشة، وَهُوَ خطأ صوبته من "اللِّسَان"، والخشبية: الطبيعة أخلصتها المداوس والصقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>