وَيُظْهِرُ فِي الْبِلَاد ضِيَاء نور ... يُقِيمُ بِهِ الْبَرّيّةَ أَنْ تَمُوجَا
ــ
شَرِبْت بِمَاءِ الدّخُرُضَيْنِ
وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ قَالَ عَنْتَرَةُ أَيْضًا:
بِعُنَيْزَتَيْنِ وَأَهْلُنَا بِالْعَيْلَمِ١
وَعُنَيْزَةُ اسْمُ مَوْضِعٍ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عَشِيّةَ سَالَ الْمِرْبَدَانِ كِلَاهُمَا
وَإِنّمَا هُوَ مِرْبَدُ الْبَصْرَةِ. وَقَوْلُهُمْ:
تَسْأَلُنِي بِرَامَتَيْنِ سَلْجَمَا
وَإِنّمَا هُوَ رَامَةٌ وَهَذَا كَثِيرٌ.
وَأَحْسَنُ مَا تَكُونُ هَذِهِ التّثْنِيَةُ إذَا كَانَتْ فِي ذِكْرِ جَنّةٍ وَبُسْتَانٍ فَتُسَمّيهَا جَنّتَيْنِ فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ إشْعَارًا بِأَنّ لَهَا وَجْهَيْنِ وَأَنّك إذَا دَخَلْتهَا، وَنَظَرْت إلَيْهَا يَمِينًا وَشِمَالًا رَأَيْت مِنْ كِلْتَا النّاحِيَتَيْنِ مَا يَمْلَأُ عَيْنَيْك قُرّةً وَصَدْرَك مَسَرّةً وَفِي التّنْزِيلِ {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ} إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَبَدّلْنَاهُمْ بِجَنّتَيْهِمْ جَنّتَيْنِ} [سَبَأٌ: ١٥، ١٦] . وَفِيهِ {جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنّتَيْنِ} [الْكَهْفُ: ٣٢] الْآيَةُ. وَفِي آخِرِهَا: {وَدَخَلَ جَنّتَهُ} فَأَفْرَدَ بَعْدَمَا ثَنّى، وَهِيَ هِيَ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنّتَانِ} [الرّحْمَنُ ٤٦] ، وَالْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَتّسِعُ وَاَللهُ الْمُسْتَعَانُ.
النّورُ وَالضّيَاءُ:
فَصْلٌ: وَقَالَ فِي هَذَا الشّعْرِ:
وَيَظْهَرُ فِي الْبِلَادِ ضِيَاءُ نُورٍ
١ فِي "المراصد": عنيرة: مَوضِع بَين الْبَصْرَة وَمَكَّة، وَأَيْضًا: بِئْر على ميلين من القريتين بِبَطن الرمة، وَقيل: غير ذَلِك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute