للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحُدّثْت أَنّ قُرَيْشًا وَجَدُوا فِي الرّكْنِ كِتَابًا بالسُّرْيَانيَّة، فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ حَتّى قَرَأَهُ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَإِذَا هُوَ "أَنَا اللهُ ذُو بَكّةَ، خَلَقْتهَا يَوْمَ خَلَقْت السّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَصَوّرْت الشّمْسَ وَالْقَمَرَ وَحَفّفْتهَا بِسَبْعَةِ أَمْلَاكٍ حُنَفَاءَ لَا تَزُولُ حَتّى يَزُولَ أَخْشَبَاهَا، مُبَارَكٌ لِأَهْلِهَا فِي الْمَاءِ وَاللّبَنِ".

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَخْشَبَاهَا: جَبَلَاهَا.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحُدّثْت أَنّهُمْ وَجَدُوا فِي الْمَقَامِ كِتَابًا فِيهِ "مَكّةُ بَيْتُ اللهِ الْحَرَامِ يَأْتِيهَا رَزَقَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ سُبُلٍ لَا يُحِلّهَا أَوّلُ مِنْ أَهْلِهَا".

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَزَعَمَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ أَنّهُمْ وَجَدُوا حَجَرًا فِي الْكَعْبَةِ قَبْلَ مَبْعَثِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، - إنْ كَانَ مَا ذُكِرَ حَقّا - مَكْتُوبًا فِيهِ: مَنْ يَزْرَعْ خَيْرًا، يَحْصُدْ غِبْطَةً وَمَنْ يَزْرَعْ شَرّا، يَحْصُدْ نَدَامَةً. تَعْمَلُونَ السّيّئَاتِ وَتُجْزَوْنَ الْحَسَنَاتِ أَجَلْ كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنْ الشوك الْعِنَب.

ــ

حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ، وَجَدُوا فِيهَا حَجَرًا، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ صُفُوحٍ١ فِي الصّفْحِ الْأَوّلِ أَنَا اللهُ ذُو بَكّةَ صُغْتهَا يَوْمَ صُغْت٢ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ إلَى آخِرِ كَلَامِ ابْنِ إسْحَاقَ، وَفِي الصّفْحِ الثّانِي: "أَنَا اللهُ ذُو بَكّةَ٣، خَلَقْت الرّحِمَ وَاشْتَقَقْت لَهَا اسْمًا مِنْ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتّهُ"، وَفِي الصّفْحِ الثّالِثِ: "أَنَا اللهُ ذُو بَكّةَ، خَلَقْت الْخَيْرَ وَالشّرّ فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ الْخَيْرُ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ كَانَ الشّرّ عَلَى يَدَيْه" وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إسْحَاقَ: لَا يَحِلّهَا أَوّلُ مِنْ أَهْلِهَا، يُرِيدُ - وَاَللهُ أَعْلَمُ - مَا كَانَ مِنْ اسْتِحْلَالِ قُرَيْشٍ الْقِتَالَ فِيهَا أَيّامَ ابْنِ الزّبَيْرِ وَحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ ثُمّ الْحَجّاجُ بَعْدَهُ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ


١ فِي "الْبِدَايَة": أصفح، وَهُوَ أنسب وصفحة الشَّيْء: جَانِبه.
٢ فِي "الْبِدَايَة": صنعتها وَهُوَ يُنَاسب رِوَايَة: خلقتها الَّتِي فِي "السِّيرَة".
٣ فِي "الْبِدَايَة": "إِنِّي أَنا الله" فِي جَمِيع الْمَوَاضِع، والقصة وَلَا شكّ مَشْكُوك بهَا، وَرَاءَهَا رجل من أهل الْكتاب وَفِي كَلَام السُّهيْلي وَابْن هِشَام مَا يُشِير إِلَى ذَلِك، وَإِن كَانَت كَلِمَات حق، أما قَوْله: "خلقت الرَّحِم- إِلَى بتته" فَحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>