للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوّلُ دَاخِلٍ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ رَضِينَا، هَذَا مُحَمّدٌ فَلَمّا انْتَهَى إلَيْهِمْ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هَلُمّ إلَيّ ثَوْبًا" , فَأُتِيَ بِهِ فَأَخَذَ الرّكْنَ فَوَضَعَهُ فِيهِ بِيَدِهِ ثُمّ قَالَ "لِتَأْخُذْ كُلّ قَبِيلَةٍ بِنَاحِيَةِ مِنْ الثّوْبِ ثُمّ ارْفَعُوهُ جَمِيعًا" , فَفَعَلُوا، حَتّى إذَا بَلَغُوا مَوْضِعَهُ وَضَعَهُ هُوَ بِيَدِهِ ثُمّ بَنَى عَلَيْهِ".

شعر الزبير فِي الْحَيَّة الَّتِي كَانَت قُرَيْش تهاب بُنيان الْكَعْبَة لَهَا:

وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمّي رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ الْأَمِينَ. فَلَمّا فَرَغُوا مِنْ الْبُنْيَانِ وَبَنَوْهَا عَلَى مَا أَرَادُوا، قَالَ الزّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَيّةِ الّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ تَهَابُ بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ لَهَا:

عَجِبْت لَمّا تَصَوّبَتْ الْعُقَابُ ... إلَى الثّعْبَانِ وَهِيَ لَهَا اضْطِرَابُ

وَقَدْ كَانَتْ يَكُونُ لَهَا كَشِيشٌ ... وَأَحْيَانَا يَكُونُ لَهَا وِثَابُ

إذَا قُمْنَا إلَى التّأْسِيسِ. شَدّتْ ... تُهَيّبُنَا الْبِنَاءَ. وَقَدْ تُهَابُ

ــ

لَمّا أَحَسّ مِنْهُمْ التّنَافُسَ فِي ذَلِكَ وَخَافَ الْخِلَافَ فَأَقَرّهُ أَبُوهُ. ذَكَرَ ذَلِكَ الزّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ أَيْضًا أَنّهُمْ أَفْضَوْا إلَى قَوَاعِدِ الْبَيْتِ وَإِذَا هِيَ خُضْرٌ كَالْأَسْنِمَةِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ رِوَايَةَ السّيرَةِ إنّمَا الصّحِيحُ فِي الْكِتَابِ كَالْأَسِنّةِ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ النّقَلَةِ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ وَاَللهُ أَعْلَمُ فَإِنّهُ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ بِهَذَا اللّفْظِ لَا عِنْدَ الْوَاقِدِيّ وَلَا غَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيّ فِي بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ هَذَا الْخَبَرَ، فَقَالَ فِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ: فَنَظَرْت إلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ كَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ وَتَشْبِيهُهَا بِالْأَسِنّةِ لَا يُشَبّهُ إلّا فِي الزّرْقَةِ وَتَشْبِيهُهَا بِأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ أَوْلَى، لِعِظَمِهَا، وَلِمَا تَقَدّمَ فِي حَدِيثِ بُنْيَانِ الْمَلَائِكَةِ لَهَا قَبْلَ هَذَا


١ عِنْد أبي ذَر الْخُشَنِي فِي تَفْسِير تشبيهها بالأسنمة: أَرَادَ أَن الْحِجَارَة دخل بَعْضهَا فِي بعض كَمَا تدخل السنام بَعْضهَا فِي بعض، وَمن رَوَاهُ كالأسنة فَهُوَ جمع سِنَان وَيَعْنِي الرمْح شبهها بالأسنة فِي الخضرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>