للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَعَتْ الشّمْسُ فَوَقَفَ لَهُمْ قَائِمًا مُتّكِئًا عَلَى قَوْسٍ لَهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السّمَاءِ طَوِيلًا، ثُمّ جَعَلَ يَنْزُو، ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إنّ اللهَ أَكْرَمَ مُحَمّدًا وَاصْطَفَاهُ وَطَهّرَ قَلْبَهُ وَحَشَاهُ وَمُكْثُهُ فِيكُمْ أَيّهَا النّاسُ قَلِيلٌ ثُمّ اشْتَدّ فِي جَبَلِهِ رَاجِعًا مِنْ حَيْثُ جَاءَ".

ــ

ثَقِيفٌ وَلَهَبٌ وَالرّمْيُ بِالنّجُومِ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ إنْكَارَ ثَقِيفٍ لِلرّمْيِ بِالنّجُومِ وَمَا قَالَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ أَحَدُ بَنِي عِلَاجٍ إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحُ الْمَعْنَى، لَكِنّ فِيهِ إبْهَامًا لِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ هَذِهِ النّجُومُ فَهُوَ لِأَمْرِ حَدَثَ فَمَا هُوَ وَقَدْ فَعَلَ مَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بَنُو لِهْبٍ عِنْدَ فَزَعِهِمْ لِلرّمْيِ بِالنّجُومِ فَاجْتَمَعُوا إلَى كَاهِنٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ خَطَرُ فَبَيّنَ لَهُمْ الْخَبَرَ، وَمَا حَدَثَ مِنْ أَمْرِ النّبُوّةِ. رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الْعَقِيلِيّ فِي كِتَابِ الصّحَابَةِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي لِهْبٍ يُقَالُ لَهُ لِهْبٌ أَوْ لُهَيْبٌ١. وَقَدْ تَكَلّمْنَا عَلَى نَسَبِ لِهْبٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ. "قَالَ لُهَيْبٌ حَضَرْت مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت عِنْدَهُ الْكِهَانَةَ فَقُلْت: بِأَبِي وَأُمّي: نَحْنُ أَوّلُ مَنْ عَرَفَ حِرَاسَةَ السّمَاءِ وَزَجْرَ الشّيَاطِينِ وَمَنْعَهُمْ مِنْ اسْتِرَاقِ السّمْعِ عِنْدَ قَذْفِ النّجُومِ وَذَلِكَ أَنّا اجْتَمَعْنَا إلَى كَاهِنٍ لَنَا يُقَالُ لَهُ خَطَرُ بْنُ مَالِكٍ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَتَا سَنَةٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ كُهّانِنَا، فَقُلْنَا: يَا خَطَرُ هَلْ عِنْدَك عِلْمٌ مِنْ هَذِهِ النّجُومِ الّتِي يُرْمَى بِهَا، فَإِنّا قَدْ فَزِعْنَا لَهَا، وَخَشِينَا سُوءَ عَاقِبَتِهَا؟ فَقَالَ:

ائْتُونِي بِسَحَرْ

أُخْبِرُكُمْ الْخَبَرْ

أَبِخَيْرِ أَمْ ضَرَرْ

أَوْ لِأَمْنِ أَوْ حَذَرْ

قَالَ فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ يَوْمَنَا، فَلَمّا كَانَ مِنْ غَد فِي وَجْهِ السّحَرِ أَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى قَدَمَيْهِ شَاخِصٌ فِي السّمَاءِ بِعَيْنَيْهِ فَنَادَيْنَاهُ أَخَطَرٌ يَا خَطَرُ؟ فَأَوْمَأَ إلَيْنَا: أَنْ


١ فِي الأَصْل: لهيب أَو لهيب, وَهُوَ خطأ صوبته من "الْإِصَابَة" فَابْن مندة يَقُول: لهيب بِالتَّصْغِيرِ, وَابْن مَالك: اللهبي, وَأَبُو عمر يَقُول: لَهب مكبرا وَبِه جزم الرشاطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>