عِلْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَمّا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ، فَأَقَامَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الِالْتِبَاسِ حَتّى أَسْلَمَ، ثُمّ هَاجَرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْحَبَشَةِ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ مُسْلِمَةٌ فَلَمّا قَدِمَهَا تَنَصّرَ وَفَارَقَ الْإِسْلَامَ حَتّى هَلَكَ هُنَالِكَ نَصْرَانِيّا.
مَا كَانَ يَفْعَله ابْن جحش بعد تنصره بمسلمي الْحَبَشَة:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزّبَيْرِ ; قَالَ "كَانَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ - حِينَ تَنَصّرَ - يَمُرّ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ هُنَالِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَيَقُولُ فَقّحْنَا وَصَأْصَأْتُمْ" أَيْ أَبْصَرْنَا وَأَنْتُمْ تَلْتَمِسُونَ الْبَصَرَ وَلَمْ تُبْصِرُوا بَعْدُ وَذَلِكَ أَنّ وَلَدَ الْكَلْبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ عَيْنَيْهِ لِيَنْظُرَ صَأْصَأَ لِيَنْظُرَ. وَقَوْلُهُ فَقّحَ فَتَحَ عَيْنَيْهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَخَلّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ عَلَى امْرَأَتِهِ أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَلِيّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ فِيهَا إلَى النّجَاشِيّ عَمْرَو بْنَ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ. فَخَطَبَهَا عَلَيْهِ النّجَاشِيّ ; فَزَوّجَهُ إيّاهَا، وَأَصْدَقَهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ مُحَمّدُ بْنُ عَلِيّ: مَا نَرَى عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَقَفَ صَدَاقَ النّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ إلّا عَنْ ذَلِكَ. وَكَانَ الّذِي أَمْلَكَهَا لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بن الْعَاصِ.
تنصر ابْن الْحُوَيْرِث، وذهابه إِلَى قَيْصر:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمّا عُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، فَقَدِمَ عَلَى قَيْصَرٍ مَلِكِ الرّومِ فَتَنَصّرَ
ــ
فَقّحْنَا بِقَوْلِهِ فَقّحَ الْجُرْوُ إذَا فَتَحَ عَيْنَيْهِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَزَادَ جَصّصَ أَيْضًا، وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ: بَصّصَ بِالْبَاءِ حَكَاهَا عَنْ أَبِي زَيْدٍ١ وَقَالَ الْقَالِيّ إنّمَا رَوَاهُ الْبَصْرِيّونَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ بِيَاءِ مَنْقُوطَةٍ بِاثْنَتَيْنِ لِأَنّ الْيَاءَ تُبْدَلُ مِنْ الْجِيمِ كَثِيرًا كَمَا تَقُولُ أَيَلٌ وَأَجَلٌ وَلِرِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ وَجْهٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَصّصَ مِنْ الْبَصِيصِ وَهُوَ الْبَرِيقُ.
١ فِي "الْقَامُوس": بصص الجرو. وَانْظُر: "نوا در أبي زيد" ص ١٣٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute