للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَى الْأَبْرَارَ. دَارَهُمْ جِنَانٌ ... وَلِلْكُفّارِ حَامِيَةٌ سَعِيرُ

وَخِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ وَإِنْ يَمُوتُوا ... يُلَاقُوا مَا تَضِيقُ بِهِ الصّدُورُ

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَيْضًا - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هِيَ لِأُمَيّةِ بْنِ أَبِي الصّلْتِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. إلّا الْبَيْتَيْنِ الْأَوّلَيْنِ وَالْبَيْت الْخَامِس وآخرإلاه وَلَا رب يكون مدانياها بَيْتًا. وَعَجُزُ الْبَيْتِ الْأَوّلِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ:

إلَى اللهِ أَهْدِي مِدْحَتِي وَثَنَائِيَا ... وَقَوْلًا رَصِينًا لَا يَنِي الدّهْرَ بَاقِيَا

إلَى الْمَلِكِ الْأَعْلَى الّذِي لَيْسَ فَوْقه ... إلاه وَلَا رَبّ يَكُونُ مُدَانِيَا

ــ

إعْرَابُ نَعْتِ النّكِرَةِ الْمُتَقَدّمِ:

وَقَوْلُهُ: وَلِلْكُفّارِ حَامِيَةً سَعِيرُ. نَصَبَ حَامِيَةً عَلَى الْحَالِ مِنْ سَعِيرٍ لِأَنّ نَعْتَ النّكِرَةِ إذَا تَقَدّمَ عَلَيْهَا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ فِي مِثْلِهِ:

لِمَيّةَ مُوحِشًا طَلَلُ١

وَأَنْشَدَ أَيْضًا [لَذِي الرّمّةِ] :

وَتَحْتَ الْعَوَالِي وَالْقَنَا مُسْتَكِنّةٌ ... ظِبَاءٌ أَعَارَتْهَا الْعُيُونُ الْجَآذِرُ

وَالْعَامِلُ فِي هَذَا الْحَالِ الِاسْتِقْرَارُ الّذِي يَعْمَلُ فِي الظّرْفِ وَيَتَعَلّقُ بِهِ حَرْفُ الْجَرّ وَهَذَا الْحَالُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَخْفَشِ لَا اعْتِرَاضَ فِيهَا ; لِأَنّهُ يَجْعَلُ النّكِرَةَ الّتِي بَعْدَهَا مُرْتَفِعَةً بِالظّرْفِ ارْتِفَاعَ الْفَاعِلِ وَأَمّا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، فَالْمَسْأَلَةُ عَسِيرَةٌ جِدّا ; لِأَنّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَهَا حَالًا مِنْ الْمُضْمَرِ فِي الِاسْتِقْرَارِ لِأَنّهُ مَعْرِفَةٌ فَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ نَكِرَةٍ فَإِنْ قُدّرَ الِاسْتِقْرَارُ آخِرَ الْكَلَامِ وَبَعْدَ الْمَرْفُوعِ كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا ; لِتَقَدّمِ الْحَالِ عَلَى الْعَامِلِ الْمَعْنَوِيّ وَلِلِاحْتِجَاجِ لَهُ وَعَلَيْهِ مَوْضِعٌ غَيْرَ هَذَا.


١ يرى ابْن الْحَاجِب فِي "أَمَالِيهِ" على أَبْيَات "الْمفضل" انه يجوز أَن تكون كلمة موحشا حَالا من الضَّمِير فِي "ليمة" لِأَن جعل الْحَال من الْمعرفَة أولى من جعلهَا من النكرَة مُتَقَدّمَة عَلَيْهَا, لِأَن هَذَا هُوَ الْكثير الشَّائِع.

<<  <  ج: ص:  >  >>