. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَالَ: وَلَوْ بَعُدَ تَحْتَ الْأَرْضِ سَبْعِينَ. كَمَا تَقُولُ بَعُدَ طَوِيلًا، أَيْ بُعْدًا طَوِيلًا، وَإِذَا حَذَفْت الْمَصْدَرَ وَأَقَمْت الصّفَةَ مَقَامَهُ لَمْ تَكُنْ إلّا حَالًا، وَقَدْ تَقَدّمَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ فِي ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ سَارُوا رُوَيْدًا وَنَحْوِ هَذَا: دَارِي خَلْفَ دَارِك فَرْسَخًا، أَيْ تَقْرُبُ مِنْهَا فَرْسَخًا إنْ أَرَدْت الْقُرْبَ وَكَذَلِكَ إنْ أَرَدْت الْبُعْدَ فَالْبُعْدُ وَالْقُرْبُ مُقَدّرَانِ بِالْفَرْسَخِ فَلَوْ قُلْت: دَارِي تَقْرُبُ مِنْك قُرْبًا مُقَدّرًا بِفَرْسَخِ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ قُرْبًا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، فَالْفَرْسَخُ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ كَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ فَإِعْرَابُهُ كَإِعْرَابِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشّاعِرِ:
لَا تَعْجَبُوا فَلَوْ انّ طُولَ قَنَاتِهِ ... مِيلٌ إذَا نَظَمَ الْفَوَارِسَ مِيلًا
أَيْ: نَظَمَهُمْ نَظْمًا مُسْتَطِيلًا، وَوَضَعَ مِيلًا مَوْضِعَ مُسْتَطِيلًا، فَإِعْرَابُهُ كَإِعْرَابِهِ فَهُوَ وَصْفٌ لِلْمَصْدَرِ وَإِذَا أُقِيمَ الْوَصْفُ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يَكُنْ حَالًا مِنْ الْفَاعِلِ لَكِنْ مِنْ الْمَصْدَرِ الّذِي يَدُلّ الْفِعْلُ عَلَيْهِ بِلَفْظِهِ نَحْوَ سَارُوا طَوِيلًا، وَسَقَيْتهَا أَحْسَنَ مِنْ سَقْيِ إبِلِك، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute