للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى، فَقُلْت: فِي الْكَفّارَاتِ فَقَالَ وَمَا هُنّ؟ فَقُلْت: الْوُضُوءُ عِنْدَ الْكَرِيهَاتِ وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إلَى الْحَسَنَاتِ وَانْتِظَارُ الصّلَوَاتِ بَعْدَ الصّلَوَاتِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ حَمِيدًا، وَمَاتَ حَمِيدًا، وَكَانَ مِنْ ذَنْبِهِ كَمَنْ وَلَدَتْهُ أُمّهُ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. فَهَذِهِ سِتّةُ أَحْوَالٍ وَحَالَةُ سَابِعَةٌ قَدْ قَدّمْنَا ذِكْرَهَا، وَهِيَ نُزُولُ إسْرَافِيلَ عَلَيْهِ بِكَلِمَاتِ مِنْ الْوَحْيِ قِيلَ جِبْرِيلُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ فِي كَيْفِيّةِ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى مُحَمّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ أَرَ أَحَدًا جَمَعَهَا كَهَذَا الْجَمْعِ وَقَدْ اسْتَشْهَدْنَا عَلَى صِحّتهَا بِمَا فِيهِ غنية، وَقَدْ أَمْلَيْنَا أَيْضًا فِي حَقِيقَةِ رُؤْيَتِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ رَبّهُ فِي الْمَنَامِ عَلَى أَحْسَنِ صُورَةٍ وَيُرْوَى: عَلَى صُورَةِ شَابّ مَسْأَلَةٌ بَدِيعَةٌ كَاشِفَةٌ لِقِنَاعِ اللّبْسِ فَلْتُنْظَرْ هُنَالِكَ.

مِنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ الْوَحْيِ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ أَنّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ بِنَمَطِ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ كِتَابٌ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسّرِينَ فِي قَوْلِهِ وَقَالَ ابْنُ سَلّامٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رِيبَ فِيه} [الْبَقَرَة: ١، ٢] إنّهَا إشَارَةٌ إلَى الْكِتَابِ الّذِي جَاءَهُ بِهِ جِبْرِيلُ حِينَ قَالَ اقْرَأْ وَفِي الْآيَةِ أَقْوَالٌ غَيْرُ هَذِهِ مِنْهَا: أَنّهَا إشَارَةٌ إلَى مَا تَضَمّنَهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ {الم} ; لِأَنّ هَذِهِ الْحُرُوفُ الْمُقَطّعَةُ تَضَمّنَتْ مَعَانِيَ الْكِتَابِ كُلّهِ فَهِيَ كَالتّرْجَمَةِ لَهُ.

مَعْنَى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ} :

وَقَوْلِهِ "مَا أَنَا بِقَارِئِ" أَيْ إنّي أُمّيّ، فَلَا أَقْرَأُ الْكُتُبَ قَالَهَا١ ثَلَاثًا فَقِيلَ لَهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ} أَيْ إنّك لَا تَقْرَؤُهُ بِحَوْلِك، وَلَا بِصِفّةِ نَفْسِك، وَلَا بِمَعْرِفَتِك، وَلَكِنْ اقْرَأْ مُفْتَتِحًا بِاسْمِ٢ رَبّك مُسْتَعِينًا بِهِ فَهُوَ يُعَلّمُك كَمَا خَلَقَك وَكَمَا نَزَعَ عَنْك


١ قيل إِن مَا استفهامية, لما ورد فِي رِوَايَة أبي الْأسود عَن عُرْوَة: كَيفَ أَقرَأ؟
٢ أَي نَاوِيا بقرَاءَته وَجه الله تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>