للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْقَطْعِيّ حَصَلَ الْعِلْمُ الْقَطْعِيّ، وَقَدْ أَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْعِلْمِ فَقَالَ: {آمَنَ الرّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [الْبَقَرَة: ٢٨٥] فَإِيمَانُهُ بِاَللهِ وَبِمَلَائِكَتِهِ إيمَانٌ كَسْبِيّ مَوْعُودٌ عَلَيْهِ بِالثّوَابِ الْجَزِيلِ كَمَا وَعَدَ عَلَى سَائِرِ أَفْعَالِهِ الْمُكْتَسِبَةِ كَانَتْ مِنْ أَفْعَالِ الْقَلْبِ أَوْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ: "لَقَدْ خَشِيت عَلَى نَفْسِي" أَيْ خَشِيت أَلّا أَنْهَضَ بِأَعْبَاءِ النّبُوّةِ وَأَنْ أَضْعُفَ عَنْهَا، ثُمّ أَزَالَ اللهُ خَشْيَتَهُ وَرَزَقَهُ الْأَيْدَ وَالْقُوّةَ وَالثّبَاتَ وَالْعِصْمَةَ وَقَدْ قِيلَ إنّ خَشْيَتَهُ كَانَتْ مِنْ قَوْمِهِ أَنْ يَقْتُلُوهُ وَلَا غَرْوَ فَإِنّهُ بَشَرٌ يَخْشَى مِنْ الْقَتْلِ وَالْإِذَايَةِ الشّدِيدَةِ مَا يَخْشَاهُ الْبَشَرُ ثُمّ يُهَوّنُ عَلَيْهِ الصّبْرُ فِي ذَاتِ اللهِ كُلّ خَشْيَةٍ وَيَجْلِبُ إلَى قَلْبِهِ كُلّ شَجَاعَةٍ وَقُوّةٍ وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى الْخَشْيَةِ أَقْوَالٌ غَيْرُ هَذِهِ رَغِبْت عَنْ التّطْوِيلِ بِذِكْرِهَا١.


١ فِي "فتح الْبَارِي": اخْتلف الْعلمَاء فِي المُرَاد بهَا على اثْنَي عشر قولا:
أَولهَا: الْجُنُون, وَأَن يكون مَا رَآهُ من جنس الكهانة, وَقد أبْطلهُ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ, وَحقّ لَهُ أَن يبطل.
ثَانِيهَا: الهاجس, وهنو بَاطِل أَيْضا, لِأَن لَا يسْتَقرّ, وَهَذَا اسْتَقر.
ثَالِثهَا: الْمَوْت من شدَّة الرعب.
رَابِعهَا: المرضو وَقد جزم بِهِ ابْن أبي جَمْرَة.
خَامِسهَا: دوَام الْمَرَض.
سادسها: الْعَجز ع حمل أعباء النُّبُوَّة.
سابعها: الْعَجز عَن النّظر إِلَى الْملك من الرعب.
ثامنها: عدم الصَّبْر على أَذَى قومه.
تاسعها: الْخَوْف من أَن يقتلوه.
عَاشرهَا: مُفَارقَة الوطن.
حادي عشرهَا: تكذيبهم إِيَّاه.
ثَانِي عشرهَا: تعييرهم إِيَّاه.
وَأولى هَذِه الْأَقْوَال وأسماها من الإرتياب: الثَّالِث واللذان بعده, وَمَا عَداهَا معترض واله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>