للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشّيْءُ الْمُثْقَلُ الْمُعْيِي. يَقُولُ الرّجُلُ: قَدْ عَالَنِي هَذَا الْأَمْرُ أَيْ أَثْقَلَنِي وَأَعْيَانِي، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

تَرَى الْغُرّ الْجَحَاجِحَ مِنْ قُرَيْشٍ ... إذَا مَا الْأَمْرُ فِي الْحَدَثَانِ عَالَا

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.

{فَأَمّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضُّحَى: ٩-١٠] أَيْ لَا تَكُنْ جَبّارًا وَلَا مُتَكَبّرًا، وَلَا فَحّاشًا فَظّا عَلَى الضّعَفَاءِ مِنْ عِبَادِ اللهِ. {وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضُّحَى: ١١] أَيْ بِمَا جَاءَك مِنْ اللهِ مِنْ نِعْمَتِهِ وَكَرَامَتِهِ مِنْ النّبُوّةِ فَحَدّثْ أَيْ اُذْكُرْهَا، وَادْعُ إلَيْهَا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ مَا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْعِبَادِ بِهِ مِنْ النّبُوّةِ سِرّا إلَى مَنْ يَطْمَئِنّ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ

ــ

اللّيْلِ فَيَنْبَحُ لِيَسْمَعَ نُبَاحَ كَلْبٍ١ وَالدّرِيسُ الثّوْبُ الْخَلَقُ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

تَرَى الْغُرّ الْجَحَاجِحَ مِنْ قُرَيْشٍ ... إذَا مَا الْأَمْرُ فِي الْحَدَثَانِ عَالَا

قِيَامًا يَنْظُرُونَ إلَى سَعِيدٍ ... كَأَنّهُمْ يَرَوْنَ بِهِ هِلَالًا

يَعْنِي: سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِي بْنِ أُمَيّةَ، وَيُقَال: إنّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ حِينَ سَمِعَ الْفَرَزْدَقَ يُنْشِدُ هَذَا الْبَيْتَ حَسَدَهُ فَقَالَ لَهُ قُلْ قُعُودًا يَنْظُرُونَ إلَى سَعِيدٍ يَا أَبَا فِرَاسٍ. فَقَالَ لَهُ الْفَرَزْدَقُ: وَاَللهِ يَا أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ إلّا قِيَامًا عَلَى الْأَقْدَامِ٢. وَذَكَرَ سَبَبَ نُزُولِ سُورَةِ الضّحَى، وَأَنّ ذَلِكَ لِفَتْرَةِ الْوَحْيِ عَنْهُ وَخَرّجَ الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيقِ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ٣ أَنْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَكَى، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ إنّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُك قَدْ تَرَكَك، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى سُورَةَ الضّحَى٤.


١ عبر الْخُشَنِي عَن ذَلِك فَقَالَ: المستنبح الَّذِي يصل بِاللَّيْلِ, فينبح نباح الْكلاب, لتسمعه الْكلاب فتجاوبه, فَيعلم ومض ع الْبيُوت فيقصدها.
٢ مدح الفرزدق مَرْوَان سعيدا بِهَذَا, زكان حِينَئِذٍ أَمِير الْمَدِينَة من قبل مُعَاوِيَة –رَحمَه الله- وَكَانَ يوليه مُعَاوِيَة سنة, ويولي مَرْوَان سنة أُخْرَى. انْظُر "الْخُشَنِي" ص ٧٨.
٣ سُفْيَان: جده, وابوه عبد الله, وَهُوَ ينسبب إِلَى أَبِيه وَإِلَى جده.
٤ واخ-رجه مُسلم وَمَالك وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي خرير وَقيل: إِن هَذِه الْمَرْأَة هِيَ أم جميل امْرَأَة أبي لَهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>