للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنَاجِي بِنَا فِي كُلّ مُمْسًى وَمُصْبَحٍ ... فَنَاجَ أَبَا عَمْرٍ بِنَا ثُمّ خَاتِلِ

وَيُؤْلِي لَنَا بِاَللهِ مَا إنْ يَغُشّنَا ... بَلَى قَدْ تَرَاهُ جَهْرَةً غَيْرَ حَائِلِ

أَضَاقَ عَلَيْهِ بُغْضُنَا كُلّ تَلْعَةٍ ... مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ أَخْشُبٍ فَمَجَادِلِ

وَسَائِلْ أَبَا الْوَلِيدِ مَاذَا حَبَوْتنَا ... بِسَعْيِك فِينَا مُعْرِضًا كَالْمُخَاتِلِ

وَكُنْت امْرِئِ مِمّنْ يُعَاشُ بِرَأْيِهِ ... وَرَحْمَتِهِ فِينَا وَلَسْت بِجَاهِلِ

فَعُتْبَةُ لَا تَسْمَعْ بِنَا قَوْلَ كَاشِحٍ ... حَسُودٍ كَذُوبٍ مُبْغِضٍ ذِي دَغَاوِلِ

وَمَرّ أَبُو سُفْيَانَ عَنّي مُعْرِضًا ... كَمَا مَرّ قَيْلٌ مِنْ عِظَامِ الْمَقَاوِلِ

يَفِرّ إلَى نَجْدٍ وَبَرْدِ مِيَاهِهِ ... وَيَزْعُمُ أَنّي لَسْت عَنْكُمْ بِغَافِلِ

وَيُخْبِرُنَا فِعْلَ الْمُنَاصِحِ أَنّهُ ... شَفِيقٌ وَيُخْفِي عَارِمَاتِ الدّوَاخِلِ

أَمُطْعِمُ لَمْ أَخْذُلْك فِي يَوْمِ بَحْدَةٍ ... وَلَا مُعْظِمٌ عِنْدَ الْأُمُورِ الْجَلَائِلِ

ــ

وَقَوْلُهُ وَكُنْتُمْ زَمَانًا حَطْبَ قِدْرٍ حَطْبٌ اسْمٌ لِلْجَمْعِ مِثْلُ رَكْبٍ وَلَيْسَ بِجَمْعِ لِأَنّك تَقُولُ فِي تَصْغِيرِهِ حُطَيْبٌ وَرُكَيْبٌ.

وَقَوْلُهُ حِطَابُ أَقْدُرٍ هُوَ جَمْعُ حَاطِبٍ فَلَا يُصَغّرُ إلّا أَنْ تَرُدّهُ إلَى الْوَاحِدِ فَتَقُولُ حُوَيْطِبُونَ وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَيْ كُنْتُمْ مُتّفِقِينَ لَا تَحْطِبُونَ إلّا لِقِدْرِ وَاحِدَةٍ فَأَنْتُمْ الْآنَ بِخِلَافِ ذَلِكَ.

وَفِيهَا قَوْلُهُ: مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ أَخْشُبٍ فَمَجَادِل أَرَادَ الْأَخَاشِبَ، وَهِيَ جِبَالُ مَكّةَ، وَجَاءَ بِهِ عَلَى أَخْشُبٍ لِأَنّهُ فِي مَعْنَى أَجْبُلٍ مَعَ أَنّ الِاسْمَ قَدْ يُجْمَعُ عَلَى حَذْفِ الزّوَائِدِ كَمَا يُصَغّرُونَهُ كَذَلِكَ وَالْمَجَادِلُ جَمْعُ مِجْدَلٍ وَهُوَ الْقَصْرُ كَأَنّهُ يُرِيدُ مَا بَيْنَ جِبَالِ مَكّةَ، فَقُصُورُ الشّامِ أَوْ الْعِرَاقِ، وَالْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ فَمَجَادِلِ تُعْطِي الِاتّصَالَ بِخِلَافِ الْوَاوِ كَقَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>