"اللهُمّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا"، فَانْجَابَ السّحَابُ عَنْ الْمَدِينَةِ، فَصَارَ حَوَالَيْهَا كَالْإِكْلِيلِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: "لَوْ أَدْرَكَ أَبُو طَالِبٍ هَذَا الْيَوْمَ لَسَرّهُ" فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ كَأَنّك يَا رَسُولَ اللهِ أَرَدْت قَوْلَهُ:
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالَ الْيَتَامَى عِصْمَةً لِلْأَرَامِلِ
قَالَ: "أَجَلْ"
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَوْلُهُ " وَشِبْرِقَهُ " عَنْ غَيْرِ ابْن إِسْحَاق.
الْأَسْمَاء الَّتِي وَردت فِي قصيدة أبي طَالب:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَالْغَيَاطِلُ: مِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ
ــ
وَقَوْلُهُ حَتّى أَتَاهُ أَهْلُ الضّوَاحِي يَشْكُونَ الْغَرَقَ. الضّوَاحِي: جَمْعُ ضَاحِيَةٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الْبَرَازُ الّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا يُكِنّ مِنْ الْمَطَرِ وَلَا مَنْجَاةٌ مِنْ السّيُولِ وَقِيلَ ضَاحِيَةُ كُلّ بَلَدٍ خَارِجُهُ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ "اللهُمّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا" كَقَوْلِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ "اللهُمّ مَنَابِتَ الشّجَرِ وَبُطُونَ الْأَوْدِيَةِ وَظُهُورَ الْآكَامِ" فَلَمْ يَقُلْ اللهُمّ ارْفَعْهُ عَنّا - هُوَ مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ فِي الدّعَاءِ لِأَنّهَا رَحْمَةُ اللهِ وَنِعْمَتُهُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْهُ فَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْهُ رَفْعُ نِعْمَتِهِ وَكَشْفُ رَحْمَتِهِ وَإِنّمَا يُسْأَلُ سُبْحَانَهُ كَشْفَ الْبَلَاءِ وَالْمَزِيدَ مِنْ النّعْمَاءِ فَفِيهِ تَعْلِيمُ كَيْفِيّةِ الِاسْتِسْقَاءِ. وَقَالَ "اللهُمّ مَنَابِتَ الشّجَرِ" وَلَمْ يَقُلْ اصْرِفْهَا إلَى مَنَابِتِ الشّجَرِ لِأَنّ الرّبّ تَعَالَى أَعْلَمُ بِوَجْهِ اللّطْفِ وَطَرِيقُ الْمَصْلَحَةِ كَانَ ذَلِكَ بِمَطَرِ أَوْ بِنَدَى أَوْ طَلّ أَوْ كَيْفَ شَاءَ وَكَذَلِكَ بُطُونُ الْأَوْدِيَةِ وَالْقَدْرُ الّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَائِهَا.
فَصْلٌ: فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ قَالَ أَبُو طَالِبٍ:
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ
وَلَمْ يَرَهُ قَطّ اسْتَسْقَى، وَإِنّمَا كَانَتْ اسْتِسْقَاءَاتُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ بِالْمَدِينَةِ فِي سَفَرٍ وَحَضَرٍ وَفِيهَا شُوهِدَ مَا كَانَ مِنْ سُرْعَةِ إجَابَةِ اللهِ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute