صِهْرًا، كَانَتْ عِنْدَهُ أَرْنَبُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قُصَيّ، وَكَانَ يُقِيمُ عِنْدَهُمْ السّنِينَ بِامْرَأَتِهِ - قَصِيدَةً يُعَظّمُ فِيهَا الْحُرْمَةَ وَيَنْهَى قُرَيْشًا فِيهَا عَنْ الْحَرْبِ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْكَفّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَيَذْكُرُ فَضْلَهُمْ وَأَحْلَامَهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْكَفّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُذَكّرُهُمْ بَلَاءَ اللهِ عِنْدَهُمْ وَدَفْعَهُ عَنْهُمْ الْفِيلَ وَكَيْدَهُ عَنْهُمْ فَقَالَ:
يَا رَاكِبًا إمّا عَرَضْت فَبَلّغَنْ ... مُغَلْغَلَةً عَنّي لُؤَيّ بْنَ غَالِبِ
رَسُولُ امْرِئِ قَدْ رَاعَهُ ذَاتُ بَيْنِكُمْ ... عَلَى النّأْيِ مَحْزُونٌ بِذَلِكَ نَاصِبِ
ــ
وَعَرّفَ بِهِمْ تَعْرِيفًا مُسْتَغْنِيًا عَنْ الزّيْدِ. وَذَكَرَ قَصِيدَةَ أَبِي قَيْسٍ صَيْفِيّ بْنِ الْأَسْلَتِ وَاسْمُ الْأَسْلَتِ عَامِرٌ وَالْأَسْلَتُ هُوَ الشّدِيدُ الْفَطَسُ يُقَالُ سَلَتَ اللهُ أَنْفَهُ وَمِنْ السّلْتِ حَدِيثُ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ حِينَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فَلَمّا كَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ وَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ. إنّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إنّ الْوُلَاةَ يُجَاءُ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقِفُونَ عَلَى جِسْرِ جَهَنّمَ فَمَنْ كَانَ مُطَاوِعًا لِلّهِ تَنَاوَلَهُ بِيَمِينِهِ حَتّى يُنْجِيَهُ وَمَنْ كَانَ عَاصِيًا لِلّهِ انْخَرَقَ بِهِ الْجِسْرُ إلَى وَادٍ مِنْ نَارٍ تَلْتَهِبُ الْتِهَابًا" قَالَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ إلَى أَبِي ذَرّ وَإِلَى سَلْمَانَ فَقَالَ لِأَبِي ذَرّ أَنْتَ سَمِعْت هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ نَعَمْ وَاَللهِ وَبَعْدَ الْوَادِي وَادٍ آخَرُ مِنْ نَارٍ. قَالَ وَسَأَلَ سَلْمَانَ فَكَرِهَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِشَيْءِ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا؟ فَقَالَ أَبُو ذَرّ مَنْ سَلَتَ اللهُ أَنْفَهُ وَعَيْنَيْهِ وَأَضْرَعَ خَدّهُ إلَى الْأَرْضِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
وَأَوّلُ الْقَصِيدَةِ: يَا رَاكِبًا إمّا عَرَضْت فَبَلّغَنْ الْبَيْتَ. الْمُغَلْغَلَةُ الدّاخِلَةُ إلَى أَقْصَى مَا يُرَادُ بُلُوغُهُ مِنْهَا، وَمِنْهُ تَغَلْغَلَ فِي الْبِلَادِ إذَا بَالَغَ فِي الدّخُولِ فِيهَا، وَأَصْلُهُ تَغَلّلَ وَمُغَلّلَةٌ وَلَكِنْ قَلَبُوا إحْدَى اللّامَيْنِ غَيْنًا، كَمَا فَعَلُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُضَاعَفِ وَأَصْلُهُ مِنْ الْغَلَلِ وَالْغِلَالَةِ فَأَمّا الْغَلَلُ فَمَاءٌ يَسْتُرُهُ النّبَاتُ وَالشّجَرُ وَأَمّا الْغِلَالَةُ فَسَاتِرَةٌ لِمَا تَحْتَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute