يُخْبِرُكُمْ عَنْهَا امْرُؤُ حَقّ عَالِمٍ ... بِأَيّامِهَا وَالْعِلْمُ عِلْمُ التّجَارِبِ
فَبِيعُوا الْحِرَابَ مِلْمُحَارِبٍ وَاذْكُرُوا ... حِسَابَكُمْ وَاَللهُ خَيْرُ مُحَاسِبِ
وَلِيّ امْرِئِ فَاخْتَارَ دِينًا، فَلَا يَكُنْ ... عَلَيْكُمْ رَقِيبًا غَيْرَ رَبّ الثّوَاقِبِ
أَقِيمُوا لَنَا دِينًا حَنِيفًا فَأَنْتُمْ ... لَنَا غَايَةٌ قَدْ يُهْتَدَى بِالذّوَائِبِ
وَأَنْتُمْ لِهَذَا النّاسِ نُورٌ وَعِصْمَةٌ ... تُؤَمّونَ وَالْأَحْلَامُ غَيْرُ عَوَازِبِ
وَأَنْتُمْ إذَا مَا حُصّلَ النّاسُ جَوْهَرٌ ... لَكُمْ سُرّةُ الْبَطْحَاءِ شُمّ الْأَرَانِبِ
تَصُونُونَ أَجْسَادًا كِرَامًا عَتِيقَةً ... مُهَذّبَةَ الْأَنْسَابِ غَيْرَ أَشَائِبِ
يَرَى طَالِبُ الْحَاجَاتِ نَحْوَ بُيُوتِكُمْ ... عَصَائِبَ هَلْكَى تَهْتَدِي بِعَصَائِبِ
لَقَدْ عَلِمَ الْأَقْوَامُ أَنّ سَرَاتَكُمْ ... عَلَى كُلّ حَالٍ خَيْرُ أَهْلِ الْجَبَاجِبِ
وَأَفْضَلُهُ رَأْيًا، وَأَعْلَاهُ سُنّةً ... وَأَقْوَلُهُ لِلْحَقّ وَسَطَ الْمَوَاكِبِ
فَقُومُوا، فَصَلّوا رَبّكُمْ وَتَمَسّحُوا ... بِأَرْكَانِ هَذَا الْبَيْتِ بَيْنَ الْأَخَاشِبِ
فَعِنْدَكُمْ مِنْهُ بَلَاءٌ وَمَصْدَقٌ ... غَدَاةَ أَبَى يَكْسُومُ هَادِي الْكَتَائِبِ
كَتِيبَتُهُ بِالسّهْلِ تُمْسِي، وَرِجْلُهُ ... عَلَى الْقَاذِفَاتِ فِي رُءُوسِ الْمَنَاقِبِ
فَلَمّا أَتَاكُمْ نَصْرُ ذِي الْعَرْشِ رَدّهُمْ ... جُنُودُ الْمَلِيكِ بَيْنَ سَافٍ وَحَاصِبِ
فَوَلّوْا سِرَاعًا هَارِبِينَ وَلَمْ يَؤُبْ ... إلَى أَهْلِهِ م الْحُبْشِ غَيْرُ عَصَائِبِ
فَإِنْ تَهْلِكُوا، نَهْلِكْ وَتَهْلِكْ مَوَاسِمُ ... يُعَاشُ بِهَا، قَوْلُ امْرِئِ غَيْرِ كَاذِبِ
ــ
وَقَوْلُهُ فِيهَا: بَيْنَ سَافٍ وَحَاصِبِ السّافِي: الّذِي يَرْمِي بِالتّرَابِ وَالْحَاصِبُ الّذِي يَقْذِفُ بِالْحَصْبَاءِ.
وَفِيهَا ذِكْرُ الْجَبَاجِبِ، وَهِيَ مَنَازِلُ مِنًى. كَذَا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ، وَقَالَ الْبَرْقِيّ: هِيَ حُفَرٌ بِمِنَى، يُجْمَعُ فِيهَا دَمُ الْبُدْنِ وَالْهَدَايَا، وَالْعَرَبُ تُعَظّمُهَا وَتَفْخَرُ بِهَا، وَقِيلَ الْجَبَاجِبُ: الْكُرُوشُ. يُقَالُ لِلْكَرِشِ جَبْجَبَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَاَلّذِي تَقَدّمَ وَاحِدُهُ جُبْجُبَةٌ بِالضّمّ.