وَغَدَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا كَانَ يَغْدُو، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكّةَ وَقِبْلَتُهُ إلَى الشّامِ، فَكَانَ إذَا صَلّى صَلّى بَيْنَ الرّكْنِ الْيَمَانِيّ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَجَعَلَ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشّامِ. فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلّي وَقَدْ غَدَتْ قُرَيْشٌ، فَجَلَسُوا فِي أَنْدِيَتِهِمْ يَنْتَظِرُونَ مَا أَبُو جَهْلٍ فَاعِلٌ. فَلَمّا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَمَلَ أَبُو جَهْلٍ الْحَجَرَ، ثُمّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتّى إذَا دَنَا مِنْهُ رَجَعَ مُنْهَزِمًا. مُنْتَقَعًا لَوْنُهُ مَرْعُوبًا. قَدْ يَبِسَتْ يَدَاهُ عَلَى حَجَرِهِ. حَتّى قَذَفَ الْحَجَرَ مِنْ يَدِهِ. وَقَامَتْ إلَيْهِ رِجَالُ قُرَيْشٍ. فَقَالُوا لَهُ مَا لَك يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ قُمْت إلَيْهِ لِأَفْعَلَ بِهِ مَا قُلْت لَكُمْ الْبَارِحَةَ فَلَمّا دَنَوْت مِنْهُ عَرَضَ لِي دُونَهُ فَحْلٌ مِنْ الْإِبِلِ لَا وَاَللهِ مَا رَأَيْت مِثْلَ هَامَتِهِ وَلَا مِثْلَ قَصْرَتِهِ وَلَا أَنْيَابِهِ لِفَحْلِ قَطّ. فَهَمّ بِي أَنْ يَأْكُلَنِي.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَذُكِرَ لِي أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "ذَلِكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ، لَوْ دنا لأَخذه".
ــ
سَاجِدٌ وَقَدْ رَوَاهُ النّسَوِيّ بِإِسْنَادِ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى قَوْلِهِ فَنَكَصَ أَبُو جَهْلٍ عَلَى عَقِبَيْهِ فَقَالُوا: مَا لَك؟ فَقَالَ إنّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "لَوْ دَنَا لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا" وَخَرّجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ وَذَكَرَ النّسَوِيّ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ إلَى ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ لَهُ أَلَمْ أَنْهَك؟ فَوَاَللهِ مَا بِمَكّةَ نَادٍ أَعَزّ مِنْ نَادِيّ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الّذِي يَنْهَى} إلَى قَوْلِهِ {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزّبَانِيَةَ} [الْعَلَقِ ٩ - ١٨] .
تَفْسِيرُ أَرَأَيْت:
قَالَ مُحَمّدُ بْنُ يَزِيدَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ {أَرَأَيْتَ الّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلّى} أَمُصِيبٌ هُوَ أَوْ مُخْطِئٌ؟ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute