قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ قَالَ تَعَالَى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} ثُمّ قَالَ تَعَالَى: {نَحْنُ نَقُصّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقّ} أَيْ بِصِدْقِ الْخَبَرِ عَنْهُمْ. {إِنّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبّنَا رَبّ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} أَيْ لَمْ يُشْرِكُوا بِي كَمَا أَشْرَكْتُمْ بِي مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ.
ــ
سَيَحُجّونَ الْبَيْتَ إذَا نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. أَلْفَيْت هَذَا الْخَبَرَ فِي كِتَابِ الْبَدْءِ لِابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ.
إعْرَابُ أَحْصَى
وَذَكَرَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {لِنَعْلَمَ أَيّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} [الْكَهْفِ: ١٢] قَدْ أَمْلَيْنَا فِي إعْرَابِ هَذِهِ الْآيَةِ نَحْوًا مِنْ كُرّاسَةٍ وَذَكَرْنَا مَا وَهَمَ فِيهِ الزّجّاجُ مِنْ إعْرَابِهَا ; حَيْثُ جَعَلَ أَحْصَى اسْمًا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ وَأَمَدًا: تَمْيِيزٌ وَهَذَا لَا يَصِحّ ; لِأَنّ التّمْيِيزَ هُوَ الْفَاعِلُ فِي الْمَعْنَى، فَإِذَا قُلْت: أَيّهُمْ أَعْلَمُ أَبًا، فَالْأَبُ هُوَ الْعَالِمُ وَكَذَلِكَ إذَا قُلْت أَيّهُمْ أَفْرَهُ عَبْدًا، فَالْعَبْدُ هُوَ الْفَارِهُ فَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ إِذا أَنْ يَكُونَ الْأَمَدُ فَاعِلًا بِالْإِحْصَاءِ وَهَذَا مُحَالٌ بَلْ هُوَ مَفْعُولٌ وَأَحْصَى: فِعْلٌ مَاضٍ وَهُوَ النّاصِبُ لَهُ وَذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ الْإِمْلَاءِ أَنّ أَيّهمْ قَدْ يَجُوزُ فِيهِ النّصْبُ بِمَا قَبْلَهُ إذَا جَعَلْته خَبَرًا، وَذَلِكَ عَلَى شُرُوطٍ بَيّنّاهَا هُنَالِكَ لِمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى حَقِيقَتِهَا، أَيْ وَمَوَاضِعَهَا، وَكَشَفْنَا أَسْرَارَهَا.
عَنْ الضّرْبِ وَتَزَاوُرِ الشّمْسِ وَفَائِدَةِ الْقِصّةِ:
وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} [الْكَهْف: ١١] أَيْ أَنِمْنَاهُمْ وَإِنّمَا قِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute