وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} [الْكَهْف:٩-١٧]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَزَاوَرُ تَمِيلُ وَهُوَ مِنْ الزّوَرِ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ حَجَرٍ:
وَإِنّي زَعِيمٌ إنْ رَجَعْت مُمَلّكًا ... بِسَيْرِ تَرَى مِنْهُ الْفُرَانِقَ أَزْوَرَا
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَقَالَ أَبُو الزّحْفِ الْكُلَيْبِيّ يَصِفُ بَلَدًا:
جَأْبُ الْمُنَدّى عَنْ هَوَانَا أَزْوَرُ ... يُنْضِي الْمَطَايَا خِمْسُهُ الْعَشَنْزَرُ
وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ. وتَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشّمَالِ تُجَاوِزُهُمْ
ــ
شَاءَ اللهُ مِمّا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُلْحِدَةُ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللهِ وَقَوْلِهِمْ أَيّ فَائِدَةٍ فِي أَنْ تَكُونَ الشّمْسُ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ وَهَكَذَا هُوَ كُلّ بَيْتٍ يَكُونُ فِي مَقْنُوَةٍ أَيْ بَابُهُ لِجِهَةِ الشّمَالِ فَنَبّهَ أَهْلُ الْمَعَانِي عَلَى الْفَائِدَةِ الْأُولَى الْمُنْبِئَةِ عَنْ لُطْفِ اللهِ بِهِمْ حَيْثُ جَعَلَهُمْ فِي مَقْنُوَةٍ تَزَاوَرُ عَنْهُمْ الشّمْسُ فَلَا تُؤْذِيهِمْ فَقَالَ لِمَنْ اقْتَصَرَ مِنْ أَهْلِ التّأْوِيلِ عَلَى هَذَا: فَمَا فِي ذِكْرِ الْكَلْبِ وَبَسْطِ ذِرَاعَيْهِ مِنْ الْفَائِدَةِ وَمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى اللّطْفِ بِهِمْ؟ فَالْجَوَابُ مَا قَدّمْنَاهُ مِنْ أَنّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَتْرُكْ مِنْ بَيَانِ حَالِهِمْ شَيْئًا، حَتّى ذَكَرَ حَالَ كَلْبِهِمْ مَعَ أَنّ تَأَمّلَهُمْ مُتَعَذّرٌ عَلَى مَنْ اطّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ الرّعْبِ فَكَيْفَ مَنْ لَمْ يَرَهُمْ وَلَا سَمِعَ بِهِمْ لَوْلَا الْوَحْيُ الّذِي جَاءَهُ مِنْ اللهِ سُبْحَانَهُ بِالْبَيَانِ الْوَاضِحِ الشّافِي، وَالْبُرْهَانِ الْكَافِي، وَالرّعْبِ الّذِي كَانَ يَلْحَقُ الْمُطَلّعَ عَلَيْهِمْ قِيلَ كَانَ مِمّا طَالَتْ شُعُورُهُمْ وَأَظْفَارُهُمْ. وَمِنْ الْآيَاتِ فِي هَذِهِ الْقِصّةِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ {فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} [الْكَهْف:١٧] أَيْ فِي فَضَاءٍ وَمَعَ أَنّهُمْ فِي فَضَاءٍ مِنْهُ فَلَا تُصِيبُهُمْ الشّمْسُ.
قَالَ ابْنُ سَلّامٍ فَهَذِهِ آيَةٌ. قَالَ وَكَانُوا يُقَلّبُونَ فِي السّعَةِ مَرّتَيْنِ وَمِنْ فَوَائِدِ الْآيَةِ أَنّهُ أَخْرَجَ الْكَلْبَ عَنْ التّقْلِيبِ فَقَالَ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ وَمَعَ أَنّهُ كَانَ لَا يُقَلّبُ لَمْ تَأْكُلْهُ الْأَرْضُ لِأَنّ التّقْلِيبَ كَانَ مِنْ فِعْلِ الْمَلَائِكَةِ بِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ أَوْلِيَاءُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَالْكَلْبُ خَارِجٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ. أَلَا تَرَاهُ كَيْفَ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute