تهكم أبي جهل بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتنفير النَّاس عَنهُ:
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ يَوْمًا وَهُوَ يَهْزَأُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْحَقّ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ يَزْعُمُ مُحَمّدٌ أَنّ جُنُودَ اللهِ الّذِينَ يُعَذّبُونَكُمْ فِي النّارِ وَيَحْبِسُونَكُمْ فِيهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَأَنْتُمْ أَكْثَرُ النّاسِ عَدَدًا، وَكَثْرَةً أَفَيَعْجِزُ كُلّ مِائَةِ رَجُلٍ مَعَكُمْ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النّارِ إِلّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدّتَهُمْ إِلّا فِتْنَةً لِلّذِينَ كَفَرُوا} [الْمُدّثّرِ ٣١] إلَى آخِرِ الْقِصّةِ فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ جَعَلُوا إذَا جَهَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ يُصَلّي، يَتَفَرّقُونَ عَنْهُ وَيَأْبَوْنَ أَنْ يَسْتَمِعُوا لَهُ فَكَانَ الرّجُلُ مِنْهُمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضَ مَا يَتْلُو مِنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ يُصَلّي، اسْتَرَقَ السّمْعَ دُونَهُمْ فَرْقًا مَعَهُمْ فَإِنْ رَأَى أَنّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَنّهُ يَسْتَمِعُ مِنْهُ ذَهَبَ خَشْيَةَ أَذَاهُمْ فَلَمْ يَسْتَمِعْ وَإِنْ خَفَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ
ــ
خَزَنَةُ جَهَنّمَ وَأَبُو الْأَشَدّيْنِ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ قَوْلَ أَبِي جَهْلٍ مُسْتَهْزِئًا: يَزْعُمُ مُحَمّدٌ أَنّ جُنُودَ رَبّهِ الّتِي يُخَوّفُكُمْ بِهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَأَنْتُمْ النّاسُ إلَى آخِرِ الْقِصّةِ. وَأَهْلُ التّفْسِيرِ يَعْزُونَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إلَى أَبِي الْأَشَدّيْنِ الْجُمَحِيّ وَاسْمُهُ كَلَدَةُ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ خَلَفٍ وَأَبُو دَهْبَلٍ الشّاعِرُ هُوَ ابْنُ أَخِيهِ وَاسْمُهُ وَهْبُ بْنُ زَمَعَةَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِي دَهْبَلٍ التّوْأَمَةُ الّتِي يَعْرِفُ بِهَا صَالِحٌ مَوْلَى التّوْأَمَةِ وَهِيَ أُخْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ، وَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرّحْمَنِ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَأَنّهُ قَالَ اكْفُونِي مِنْهُمْ اثْنَيْنِ وَأَنَا أَكْفِيكُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ إعْجَابًا مِنْهُ بِنَفْسِهِ وَكَانَ بَلَغَ مِنْ شِدّتِهِ - فِيمَا زَعَمُوا - أَنّهُ كَانَ يَقِفُ عَلَى جِلْدِ الْبَقَرَةِ وَيُجَاذِبُهُ عَشْرَةٌ لِيَنْتَزِعُوهُ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ فَيَتَمَزّقُ الْجِلْدُ وَلَا يَتَزَحْزَحُ عَنْهُ وَقَدْ دَعَا النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمُصَارَعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute