للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْذِيب قُرَيْش لِابْنِ يَاسر, وتصبير رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَتْ بَنُو مَخْزُوم يَخْرُجُونَ بِعَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَبِأَبِيهِ وَأُمّهِ - وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ إسْلَامٍ - إذَا حَمِيَتْ الظّهِيرَةُ يُعَذّبُونَهُمْ بِرَمْضَاءِ مَكّةَ، فَيَمُرّ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُ فِيمَا بَلَغَنِي: "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمْ الْجَنّةُ" فَأَمّا أُمّهُ فَقَتَلُوهَا، وَهِيَ تَأْبَى إِلَّا الْإِسْلَام.

مَا كَانَ يعذب بِهِ أَبُو جَهْلٍ من أسلم:

وَكَانَ أَبُو جهل الْفَاسِقُ الّذِي يُغْرِي بِهِمْ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، إذَا سَمِعَ بِالرّجُلِ قَدْ أَسْلَمَ، لَهُ شَرَفٌ وَمَنَعَةٌ أَنّبَهُ وَأَخْزَاهُ وَقَالَ تَرَكْت دِينَ أَبِيك وَهُوَ خَيْرٌ مِنْك: لَنُسَفّهَنّ حِلْمَك وَلَنُفَيّلَنّ رَأْيَك، وَلَنَضَعَنّ شَرَفَك، وَإِنْ كَانَ تَاجِرًا، قَالَ وَاَللهِ لَنُكَسّدَنّ تِجَارَتَك، وَلَنُهْلِكَنّ مَالَك، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا ضَرَبَهُ وَأَغْرَى بِهِ.

ــ

مَنْ نَسَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأُصُولِيّينَ هَذَا الْقَوْلَ الّذِي أَبْطَلَهُ وَبَيّنَ بُطْلَانَهُ وَإِنّمَا ذَكَرْت مَا قَالُوهُ قَبْلَ أَنْ أَرَى كَلَامَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ مَذْهَبِهِ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْغَلَطِ فِيهَا.

آلُ يَاسِرٍ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ فِيمَنْ عُذّبَ فِي اللهِ سُمَيّةُ أُمّ عَمّارٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَتْلَ أَبِي جَهْلٍ لَهَا، وَهِيَ أَوّلُ شَهِيدٍ فِي الْإِسْلَامِ وَرُوِيَ أَنّ عَمّارًا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ بَلَغَ مِنّا الْعَذَابُ كُلّ مَبْلَغٍ فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَبْرًا أَبَا الْيَقْظَانِ" ثُمّ قَالَ: " اللهُمّ لَا تُعَذّبْ أَحَدًا مِنْ آلِ عَمّارٍ بِالنّار" وَسُمَيّةُ أُمّهُ وَهِيَ بِنْتُ خَيّاطٍ كَانَتْ مَوْلَاةً لِأَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَاسْمُهُ مُهَشّمٌ وَهُوَ عَمّ أَبِي جَهْلٍ وَغَلِطَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِيهَا، فَزَعَمَ أَنّ الْأَزْرَقَ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ يَاسِرٍ فَوَلَدَتْ لَهُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَزْرَقِ وَقَالَ أَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>