زَوْجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَمّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النّجَاشِيّ، أَمِنّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللهَ تَعَالَى، لَا نُؤْذَى، وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَبْعَثُوا إلَى النّجَاشِيّ فِينَا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ جَلْدَيْنِ وَأَنْ يُهْدُوا لِلنّجَاشِيّ هَدَايَا مِمّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكّةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا الْأَدَمُ فَجَمَعُوا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا، وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بِطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إلّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيّةً ثُمّ بَعَثُوا بِذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَأَمّرُوهُمَا بِأَمْرِهِمْ وَقَالُوا لَهُمَا: ادْفَعَا إلَى كُلّ بِطَرِيقِ هَدِيّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلّمَا النّجَاشِيّ فِيهِمْ ثُمّ قَدّمَا إلَى النّجَاشِيّ هَدَايَاهُ ثُمّ سَلَاهُ أَنْ يُسَلّمَهُمْ إلَيْكُمَا قَبْلَ أَنْ يُكَلّمَهُمْ. قَالَتْ فَخَرَجَا حَتّى قَدِمَا عَلَى النّجَاشِيّ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ عِنْدَ خَيْرِ جَارٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بِطَارِقَتِهِ بِطَرِيقِ إلّا دَفَعَا إلَيْهِ هَدِيّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلّمَا النّجَاشِيّ، وَقَالَا لِكُلّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ إنّهُ قَدْ ضَوَى إلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ وَجَاءُوا بِدِينِ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ وَقَدْ بَعَثْنَا إلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِيَرُدّهُمْ إلَيْهِمْ فَإِذَا كَلّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يُسَلّمَهُمْ إلَيْنَا، وَلَا يُكَلّمُهُمْ فَإِنّ قَوْمَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُمَا: نَعَمْ. ثُمّ إنّهُمَا قَدِمَا هَدَايَاهُمَا إلَى
ــ
حِينَ قَالَتْ قُرَيْشٌ لِأَبِي طَالِبٍ خُذْ عُمَارَةَ بَدَلًا مِنْ مُحَمّدٍ وَادْفَعْ إلَيْنَا مُحَمّدًا نَقْتُلْهُ وَكَانَ عُمَارَةُ مِنْ أَجْمَلِ النّاسِ فَذَكَرَ أَصْحَابُ الْأَخْبَارِ أَنّهُمْ أَرْسَلُوهُ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي إلَى النّجَاشِيّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هِشَامٍ، وَذَكَرَ حَدِيثَهُ مَعَ عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَلَكِنْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصّةِ الْمَذْكُورَةِ هَاهُنَا، وَلَعَلّ إرْسَالَهُمْ إيّاهُ مَعَ عَمْرٍو، كَانَ فِي الْمَرّةِ الْأُخْرَى الّتِي سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي السّيرَةِ عِنْدَ حَدِيثِ إسْلَامِ عَمْرٍو، وَمِمّنْ ذَكَرَ قِصّةَ عُمَارَةَ بِطُولِهَا أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْبَهَانِيّ، وَذَكَرَ أَنّ عَمْرًا سَافَرَ بِامْرَأَتِهِ فَلَمّا رَكِبُوا الْبَحْرَ وَكَانَ عُمَارَةُ قَدْ هَوِيَ امْرَأَةَ عَمْرٍو وَهَوِيته، فَعَزَمَا عَلَى دَفْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute