نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَحَرّمْنَا مَا حَرّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلّ لَنَا، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا، فَعَذّبُونَا، وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا، لِيَرُدّونَا إلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ عَنْ عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى، وَأَنْ نَسْتَحِلّ مَا كُنّا نَسْتَحِلّ مِنْ الْخَبَائِثِ فَلَمّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَضَيّقُوا عَلَيْنَا، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا، خَرَجْنَا إلَى بِلَادِك وَاخْتَرْنَاك عَلَى مَنْ سِوَاك، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِك، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمْ عِنْدَك أَيّهَا الْمَلِكُ. قَالَتْ فَقَالَ لَهُ النّجَاشِيّ: هَلْ مَعَك مِمّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللهِ مِنْ شَيْءٍ؟
ــ
كَانَ - يُخَلّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ دِينِهِ وَيُظْهِرُ فِيهِ عِبَادَةَ رَبّهِ فَإِنّ الْخُرُوجَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَتْمٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَهَذِهِ الْهِجْرَةُ الّتِي لَا تَنْقَطِعُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلّوا فَثَمّ وَجْهُ اللهِ} [الْبَقَرَةُ ١١٥] .
فَصْلٌ وَلَيْسَ فِي بَاقِي حَدِيثِهِمْ شَيْءٌ يُشْرَحُ قَدْ شَرَحَ ابْنُ هِشَامٍ الشّيُومَ وَهُمْ الْآمِنُونَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لَفْظَةً حَبَشِيّةً غَيْرَ مُشْتَقّةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْعَرَبِيّةِ وَأَنْ تَكُونَ مِنْ شِمْت السّيْفَ إذَا أَغْمَدْته، لِأَنّ الْآمِنَ مُغْمَدٌ عَنْهُ السّيْفُ أَوْ لِأَنّهُ مَصُونٌ فِي صِوَانٍ وَحِرْزٍ كَالسّيْفِ فِي غِمْدِهِ.
وَقَوْلُهُ ضَوَى إلَيْك فِتْيَةٌ أَيْ أَوَوْا إلَيْك، وَلَاذُوا بِك، وَأَمّا ضَوِيَ بِكَسْرِ الْوَاوِ فَهُوَ مِنْ الضّوَى مَقْصُورٌ وَهُوَ الْهُزَالُ وَقَالَ الشّاعِرُ:
فَتًى لَمْ تَلِدْهُ بِنْتُ عَمّ قَرِيبَةٌ ... فَيَضْوَى، وَقَدْ يَضْوَى رَدِيدُ الْغَرَائِبِ
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ "اغْتَرَبُوا لَا تَضْوُوا"، يَقُولُ إنّ تَزْوِيجَ الْقَرَائِبِ يُورِثُ الضّوَى فِي الْوَلَدِ وَالضّعْفَ فِي الْقَلْبِ قَالَ الرّاجِزُ:
إنّ بِلَالًا لَمْ تَشِنْهُ أُمّهُ ... لَمْ يَتَنَاسَبْ خَالُهُ وَعَمّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute