مقَالَة الْمُهَاجِرين فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد النَّجَاشِيّ:
قَالَتْ فَلَمّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاَللهِ لَآتِيَنّهُ غَدًا عَنْهُمْ بِمَا اسْتَأْصَلَ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ. قَالَتْ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ - وَكَانَ أَتْقَى الرّجُلَيْنِ فِينَا: لَا نَفْعَلُ فَإِنّ لَهُمْ أَرْحَامًا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا. قَالَ وَاَللهِ لَأُخْبِرَنّهُ أَنّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَبْدٌ قَالَتْ ثُمّ غَدَا عَلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ لَهُ أَيّهَا الْمَلِكُ إنّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا، فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ عَمّا يَقُولُونَ فِيهِ. قَالَتْ فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ لِيَسْأَلَهُمْ عَنْهُ. قَالَتْ وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا قَطّ. فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ ثُمّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ - وَاَللهِ -[فِيهِ] مَا قَالَ اللهُ وَمَا جَاءَنَا بِهِ نَبِيّنَا، كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ. قَالَتْ فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَتْ فَقَالَ [لَهُ] جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَقُولُ فِيهِ الّذِي جَاءَنَا بِهِ نَبِيّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ
ــ
مَعْنَى أَنّ عِيسَى كَلِمَةُ اللهِ وَرُوحُهُ:
وَقَوْلُ جَعْفَرٍ فِي عِيسَى: هُوَ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ وَمَعْنَى: كَلِمَتِهِ أَيْ قَالَ لَهُ كَمَا قَالَ لِآدَمَ حِينَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَلَمْ يَقُلْ فَكَانَ لِئَلّا يُتَوَهّمَ وُقُوعُ الْفِعْلِ بَعْدَ الْقَوْلِ بِيَسِيرِ وَإِنّمَا هُوَ وَاقِعٌ لِلْحَالِ فَقَوْلُهُ فَيَكُونُ مُشْعِرٌ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ فِي حَالِ الْقَوْلِ وَتَوَجّهَ الْفِعْلُ بِيَسِيرِ عَلَى الْقَوْلِ لَا يُمْكِنُ مُسْتَقْدِمٌ وَلَا مُسْتَأْخِرٌ فَهَذَا مَعْنَى الْكَلِمَةِ وَأَمّا رُوحُ اللهِ فَلِأَنّهُ نَفْخَةُ رُوحِ الْقُدُسِ فِي جَيْبِ الطّاهِرَةِ الْمُقَدّسَةِ وَالْقُدُسُ: الطّهَارَةُ مِنْ كُلّ مَا يَشِينُ أَوْ يَعِيبُ أَوْ تُقَذّرُهُ نَفْسٌ أَوْ يَكْرَهُهُ شَرْعٌ وَجِبْرِيلُ رُوحُ الْقُدُسِ، لِأَنّهُ رُوحٌ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ مِنّي، وَلَا صَدَرَ عَنْ شَهْوَةٍ فَهُوَ مُضَافٌ إلَى اللهِ سُبْحَانَهُ إضَافَةَ تَشْرِيفٍ وَتَكْرِيمٍ لِأَنّهُ صَادِرٌ عَنْ الْحَضْرَةِ الْمُقَدّسَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute