للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النّارَ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَكَأَنّهُ مُنْتَزَعٌ مِنْهُ قَوْلُ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "لَا يَدْخُلُ الْجَنّةَ قَتّاتٌ" وَالْقَتّاتُ هُوَ الّذِي يَجْمَعُ الْقَتّ وَهُوَ مَا يُوقَدُ بِهِ النّارُ مِنْ حَشِيشٍ وَحَطَبٍ صِغَارٍ.

عَنْ الْجِيدِ وَالْعُنُقِ:

وَقَوْلُهُ فِي جِيدِهَا، وَلَمْ يَقُلْ فِي عُنُقِهَا، وَالْمَعْرُوفُ أَنْ يُذْكَرَ الْعُنُقَ إذَا ذُكِرَ الْغُلّ، أَوْ الصّفْعُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} [يس: ٨] وَيُذْكَرُ الْجِيدُ إذَا ذُكِرَ الْحُلِيّ أَوْ الْحُسْنُ فَإِنّمَا حَسُنَ هَهُنَا ذِكْرُ الْجِيدِ فِي حُكْمِ الْبَلَاغَةِ لِأَنّهَا امْرَأَةٌ وَالنّسَاءُ تُحَلّي أَجِيَادَهُنّ وَأُمّ جَمِيلٍ لَا حُلِيّ لَهَا فِي الْآخِرَةِ إلّا الْحَبْلُ الْمَجْعُولُ فِي عُنُقِهَا، فَلَمّا أُقِيمَ لَهَا ذَلِكَ مَقَامَ الْحُلِيّ ذُكِرَ الْجِيدَ مَعَهُ فَتَأَمّلْهُ فَإِنّهُ مَعْنًى لَطِيفٌ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الْأَعْشَى:

يَوْم تُبْدِي لَنَا قُتَيْلَة عَنْ جِيدٍ

وَلَمْ يَقُلْ عَنْ عُنُقٍ

وَقَول الآخر:

وَأَحْسَنُ مِنْ عُقَدِ الْمَلِيحَةِ جِيدُهَا

وَلَمْ يقل عُنُقهَا، وَلَو قَالَه لَكَانَ غَثّا مِنْ الْكَلَامِ فَإِنّمَا يَحْسُنُ ذِكْرُ الْجِيدِ حَيْثُ قُلْنَا، وَيَنْظُرُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آلُ عِمْرَانَ: ٢١] أَيْ لَا بُشْرَى لَهُمْ إلّا ذَلِكَ وَقَوْلُ الشّاعِرِ [عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ] :

[وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْت لَهَا بِخَيْلِ] ... تَحِيّةُ بَيْنِهِمْ كرب وجيع

أَي لَا تَحِيّةَ لَهُمْ. كَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أَيْ لَيْسَ ثُمّ جِيدٌ يُحَلّى، إنّمَا هُوَ حَبْلُ الْمَسَدِ وَانْظُرْ كَيْفَ قَالَ وَامْرَأَتُهُ وَلَمْ يَقُلْ وَزَوْجُهُ لِأَنّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>