ثُمّ انْصَرَفْت، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ أَمَا تَرَاهَا رَأَتْك؟ فَقَالَ "مَا رَأَتْنِي، لَقَدْ أَخَذَ اللهُ بِبَصَرِهَا عَنّي"
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهَا: "وَدِينَهُ قَلَيْنَا" عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَتْ قُرَيْشٌ إنّمَا تُسَمّي رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُذَمّمًا، ثُمّ يَسُبّونَهُ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "أَلَا تَعْجَبُونَ لِمَا يَصْرِفُ اللهُ عَنّي مِنْ أَذَى قُرَيْشٍ، يَسُبّونَ وَيَهْجُونَ مُذَمّمًا، وَأَنا مُحَمَّد"
ذكر ماكان يُؤْذِي بِهِ أُمَيّةَ بن خلف رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأُمَيّةُ بْنُ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ جُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ كَانَ إذَا رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَزَهُ وَلَمَزَهُ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ {وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدّدَهُ يَحْسَبُ أَنّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلّا لَيُنْبَذَنّ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ الّتِي تَطّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ إِنّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [همزَة ١-٩] .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْهُمَزَةُ الّذِي يَشْتِمُ الرّجُلَ عَلَانِيَةً وَيَكْسِرُ عَيْنَيْهِ عَلَيْهِ وَيَغْمِزُ بِهِ. قَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
هَمَزْتُك فَاخْتَضَعْت لِذُلّ نَفْسٍ ... بِقَافِيَةِ تَأَجّجُ كَالشّوَاظِ
ــ
حَوْلَ قَوْلِهِمْ مُذَمّمٌ وَحَدِيثُ خَبّابٍ
وَذَكَرَ قَوْلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَلَا تَرَوْنَ إلَى مَا يَدْفَعُ اللهُ عَنّي مِنْ أَذَى قُرَيْشٍ، يَشْتُمُونَ وَيَهْجُونَ مُذَمّمًا وَأَنَا مُحَمّدٌ"؟ وَأَدْخَلَ النّسَوِيّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الطّلَاقِ فِي بَابِ مَنْ طَلّقَ بِكَلَامِ لَا يُشْبِهُ الطّلَاقَ فَإِنّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ لِقَوْلِ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَلَا تَرَوْنَ إلَى مَا يَدْفَعُ اللهُ عَنّي" فَجَعَلَ أَذَاهُمْ مَصْرُوفًا عَنْهُ لِمَا سَبّوا مُذَمّمًا، وَمُذَمّمًا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لَهُ فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: كُلِي وَاشْرَبِي، وَأَرَادَ بِهِ الطّلَاقَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَكَانَ مَصْرُوفًا عَنْهُ لِأَنّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَبّارَةً عَنْ الطّلَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute