دَعوته قومه إِلَى الْإِسْلَام، وَمَا كَانَ مِنْهُم، ولحاقهم بالرسول:
ثُمّ دَعَوْت دَوْسًا إلَى الْإِسْلَامِ فَأَبْطَئُوا عَلَيّ ثُمّ جِئْت رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكّةَ، فَقُلْت لَهُ يَا نَبِيّ اللهِ أَنّهُ قَدْ غَلَبَنِي عَلَى دَوْسٍ الزّنَا، فَادْعُ اللهَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ "اللهُمّ اهْدِ دَوْسًا، ارْجِعْ إلَى قَوْمِك فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ" قَالَ فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ دَوْسٍ أَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ حَتّى هَاجَرَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَضَى بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ، ثُمّ قَدِمْت عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْ أَسْلَمَ مَعِي مِنْ قَوْمِي، وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرِ حَتّى نَزَلْت الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ، ثُمّ لَحِقْنَا بِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرِ فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الْمُسلمين.
ذَهَابه إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ ليحرقه، وشعره فِي ذَلِك:
ثُمّ لَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتّى إذَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ مَكّةَ، قَالَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ ابْعَثْنِي إلَى ذِي الْكَفّيْنِ صَنَمِ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ حَتّى أُحَرّقْهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَخَرَجَ إلَيْهِ فَجَعَلَ طُفَيْلٌ يُوقِدُ عَلَيْهِ النّارَ وَيَقُولُ:
يَا ذَا الْكَفّيْنِ لَسْت مِنْ عُبّادِكَا ... مِيلَادُنَا أَقْدَمُ مِنْ مِيلَادِكَا
إنّي حَشَوْت النّارَ فِي فُؤَادِكَا
ــ
وَقَوْله: يَا ذَا الْكَفَيْنِ لَسْت مِنْ عُبّادِكَا أَرَادَ الْكَفّيْنِ بِالتّشْدِيدِ فَخَفّفَ لِلضّرُورَةِ غَيْرَ أَنّ فِي نُسْخَةِ الشّيْخِ أَنّ الصّنَمَ كَانَ يُسَمّى: ذَا الْكَفَيْنِ وَخَفّفَ الْفَاءَ بِخَطّهِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُشَدّدَةً فَدَلّ أَنّهُ عِنْدَهُ مُخَفّفٌ فِي غَيْرِ الشّعْرِ فَإِنْ صَحّ هَذَا فَهُوَ مَحْذُوفُ اللّامِ كَأَنّهُ تَثْنِيَةُ كَفْءٍ مِنْ كَفَأْت الْإِنَاءَ أَوْ إذَا كُفِئَ بِمَعْنَى كَفْءٍ؟ ثُمّ سُهّلَتْ الْهَمْزَةُ وَأُلْقِيَتْ حَرَكَتُهَا عَلَى الْفَاءِ كَمَا يُقَالُ الْخَبْءُ وَالْخَبُ وَفِي الْحَدِيثِ أَنّ أَهْلَ الْحَاضِرِ مِنْ دَوْسٍ كَانُوا يَتَرَاءَوْنَهُ فِي الثّنِيّةِ، وَفِي سَوْطِهِ كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلّقِ وَذَكَرَهُ الْمُبَرّدُ فَقَالَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ جَعَلُوا يَنْظُرُونَ إلَى الْجَبَلِ وَهُوَ يَهْتِفُ مِنْ شِدّةِ الضّيَاءِ وَالنّورِ وَرَوَى، أَبُو الزّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمّا قَالَ طُفَيْلٌ لِلنّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنّ دَوْسًا غَلَبَ عَلَيْهَا الزّنَى وَالرّبَا، فَادْعُ اللهَ عَلَيْهِمْ قُلْنَا: هَلَكَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute