للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَبِيّا يَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَذِكْرُهُ ... أَغَارَ لَعَمْرِي فِي الْبِلَادِ وَأَنْجَدَا

لَهُ صَدَقَاتٌ مَا تُغِبّ وَنَائِلٌ ... وَلَيْسَ عَطَاءُ الْيَوْمِ مَانِعَهُ غَدَا

أَجَدّك لَمْ تَسْمَعْ وَصَاةَ مُحَمّدٍ ... نَبِيّ الْإِلَهِ حَيْثُ أَوْصَى، وَأَشْهَدَا

إذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادِ مِنْ التّقَى ... وَلَاقَيْت بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوّدَا

نَدِمَتْ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ كَمِثْلِهِ ... فَتُرْصِدُ لِلْأَمْرِ الّذِي كَانَ أَرْصَدَا

فَإِيّاكَ وَالْمَيْتَاتُ لَا تَقْرَبَنّهَا ... وَلَا تَأْخُذَنْ سَهْمًا حَدِيدًا، لَتُفْصِدَا

وَذَا النّصُبَ الْمَنْصُوبَ لَا تَنْسُكَنّهُ ... وَلَا تَعْبُدْ الْأَوْثَانَ وَاَللهَ فَاعْبُدَا

ــ

لَعَمْرِي غَارَ فِي الْبِلَادِ وَأَنْجَدَا

وَالْغَوْرُ: مَا انْخَفَضَ مِنْ الْأَرْضِ وَالنّجْدُ مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا، وَإِنّمَا تَرَكُوا الْقِيَاسَ فِي الْغَوْرِ، وَلَمْ يَأْتِ عَلَى أَفْعَلَ إلّا قَلِيلًا، وَكَانَ قِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَنْجَدَ وَأَتْهَمَ لِأَنّهُ مِنْ أُمّ الْغَوْرِ، فَقَدْ هَبَطَ وَنَزَلَ فَصَارَ مِنْ بَابِ غَارَ الْمَاءُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَدْت: أَشْرَفَ عَلَى الْغَوْرِ، قُلْت: أَغَارَ وَلَا يَكُونُ خَارِجًا عَنْ الْقِيَاسِ.

وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ عَطَاءُ الْيَوْمِ مَانِعَهُ غَدًا مَعْنَاهُ عَلَى رَفْعِ الْعَطَاءِ وَنَصْبِ مَانِعٍ أَيْ لَيْسَ الْعَطَاءُ الّذِي يُعْطِيهِ الْيَوْمَ مَانِعًا لَهُ غَدًا مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ فَالْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى الْمَمْدُوحِ فَلَوْ كَانَتْ عَائِدَةً عَلَى الْعَطَاءِ لَقَالَ وَلَيْسَ عَطَاءُ الْيَوْمِ مَانِعَهُ هُوَ بِإِبْرَازِ الضّمِيرِ الْفَاعِلِ لِأَنّ الصّفَةَ إذَا جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ بَرَزَ الضّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ بِخِلَافِ الْفِعْلِ وَذَلِكَ لِسِرّ بَيّنّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْ يَذْكُرْهُ النّاسُ وَلَوْ نُصِبَ الْعَطَاءُ لَجَازَ عَلَى إضْمَارِ الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إظْهَارُهُ لِأَنّهُ مِنْ بَابِ اشْتِغَالِ الْفِعْلِ عَنْ الْمَفْعُولِ بِضَمِيرِهِ وَيَكُونُ اسْمُ لَيْسَ عَلَى هَذَا مُضْمَرًا فِيهَا عَائِدًا عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَوْله: فَانْكَحَنْ أَوْ تَأَبّدَا. يُرِيدُ أَوْ تَرَهّبَ لِأَنّ الرّاهِبَ أَبَدًا عَزَبٌ فَقِيلَ لَهُ مُتَأَبّدًا اُشْتُقّ مِنْ لَفْظِ الْأَبَدِ.

وَقَوْلُهُ فَاَللهَ فَاعْبُدَا، وَقَفَ عَلَى النّونِ الْخَفِيفَةِ بِالْأَلِفِ وَكَذَلِكَ فَانْكَحَنْ أَوْ تَأَبّدَا، وَلِذَلِكَ كَتَبْت فِي الْخَطّ بِأَلْفِ لِأَنّ الْوُقْفَ عَلَيْهَا بِالْأَلِفِ وَقَدْ قِيلَ فِي مِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>