للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعِيَةً قَالَ قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ إرَاشَ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ إرَاشَةُ - بِإِبِلِ لَهُ مَكّةَ، فَابْتَاعَهَا مِنْهُ أَبُو جَهْلٍ فَمَطَلَهُ بِأَثْمَانِهَا. فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى نَادٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ جَالِسٌ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَنْ رَجُلٌ يُؤَدّينِي عَلَى أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ فَإِنّي رَجُلٌ غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ وَقَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقّي؟: فَقَالَ لَهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَتَرَى ذَلِكَ الرّجُلَ الْجَالِسَ - لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ يَهْزَءُونَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ مِنْ الْعَدَاوَةِ - اذْهَبْ إلَيْهِ فَإِنّهُ يؤديك عَلَيْهِ.

إنصاف الرَّسُول لَهُ من أبي جهل:

فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيّ حَتّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا عَبْدَ اللهِ إنّ أَبَا الْحَكَمِ بْنَ هِشَامٍ قَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقّ لِي قِبَلَهُ وَأَنَا غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ وَقَدْ سَأَلْت هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ عَنْ رَجُلٍ يُؤَدّينِي عَلَيْهِ يَأْخُذُ لِي حَقّي مِنْهُ فَأَشَارُوا لِي إلَيْك،

ــ

فِرْعَوْنَ صَاحِبِ مِصْرَ، وَفِي بَلِيّ أَيْضًا بَنُو إرَاشَةَ وَقَوْلُهُ مِنْ [رَجُلٍ] يُؤَدّينِي عَلَى أَبِي الْحَكَمِ أَيْ يُعِينُنِي عَلَى أَخْذِ حَقّي مَعَهُ وَهُوَ مِنْ الْأَدَاةِ الّتِي تُوَصّلُ الْإِنْسَانَ إلَى مَا يُرِيدُ كَأَدَاةِ الْحَرْبِ وَأَدَاةِ الصّانِعِ فَالْحَاكِمُ يُؤَدّي الْخَصْمَ أَيْ يُوَصّلُهُ إلَى مَطْلَبِهِ وَقَدْ قِيلَ إنّ الْهَمْزَةَ بَدَلٌ مِنْ عَيْنٍ وَيُؤَدّي وَبَعْدِي بِمَعْنَى وَاحِدٍ أَيْ يُزِيلُ الْعُدْوَانَ وَالْعَدَاءَ وَهُوَ الظّلْمُ كَمَا تَقُولُ هُوَ يُشْكِيك أَيْ يُزِيلُ شَكْوَاك، وَفِي حَدِيثِ خَبّابٍ شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرّ الرّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا مَعْنَاهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَمْ يَرْفَعْ شَكَوَانَا وَلَمْ يُزِلْهَا.

وَقَوْلُهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ وَمَا فِي وَجْهِهِ رَائِحَةٌ أَيْ بَقِيّةُ رُوحٍ فَكَانَ مَعْنَاهُ رُوحٌ بَاقِيَةٌ فَلِذَلِكَ جَاءَ بِهِ عَلَى وَزْنِ فَاعِلِهِ وَالدّلِيلُ عَلَى أَنّهُ أَرَادَ مَعْنَى الرّوحِ وَإِنْ جَاءَ بِهِ عَلَى بِنَاءِ فَاعِلَة قَوْلُ الْإِرَاشِيّ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ خَرَجَ إلَيّ وَمَا عِنْدَهُ رُوحُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>