. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْوَصْفِ دُونَ غَيْرِهِ فَإِذَا قُلْت: إنّ زَيْدًا هُوَ الْفَاسِقُ فَمَعْنَاهُ هُوَ الْفَاسِقُ الّذِي زَعَمَتْ فَدَلّ عَلَى أَنّ بِالْحَضْرَةِ مَنْ يَزْعُمُ غَيْرَ ذَلِكَ وَهَكَذَا قَالَ الْجُرْجَانِيّ وَغَيْرُهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنّ هُوَ تُعْطِي الِاخْتِصَاصَ وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَأَنّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [لنجم: ٤٨] لَمّا كَانَ الْعِبَادُ يُتَوَهّمُونَ أَنّ غَيْرَ اللهِ قَدْ يُغْنِي، قَالَ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى، أَيْ لَا غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [لنجم: ٤٤] إذْ كَانُوا قَدْ يَتَوَهّمُونَ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ مَا تَوَهّمَ النّمْرُودُ حِينَ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ أَيْ أَنَا أَقْتُلُ مَنْ شِئْت، وَأَسْتَحْيِي مَنْ شِئْت، فَقَالَ عَزّ وَجَلّ {وَأَنّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} أَيْ لَا غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} [لنجم: ٤٩] أَيْ هُوَ الرّبّ لَا غَيْرُهُ إذْ كَانُوا قَدْ اتّخَذُوا أَرْبَابًا مِنْ دُونِهِ مِنْهَا: الشّعْرَى، فَلَمّا قَالَ وَإِنّهُ خَلَقَ الزّوْجَيْنِ وَأَنّهُ أَهْلَكَ عَادًا اسْتَغْنَى الْكَلَامُ عَنْ هُوَ الّتِي تُعْطِي مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ لِأَنّهُ فِعْلٌ لَمْ يَدَعْهُ أَحَدٌ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {إِنّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أَيْ لَا أَنْتَ. وَالْأَبْتَرُ الّذِي لَا عَقِبَ لَهُ يَتْبَعُهُ فَعَدَمُهُ كَالْبَتْرِ الّذِي هُوَ عَدَمُ الذّنْبِ فَإِذَا مَا قُلْت هَذَا، وَنَظَرْت إلَى الْعَاصِي، وَكَانَ ذَا وَلَدٍ وَعَقِبٍ وَوَلَدُهُ عَمْرٌو وَهِشَامٌ ابْنَا الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ فَكَيْفَ يَثْبُتُ لَهُ الْبَتْرُ وَانْقِطَاعُ الْوَلَدِ وَهُوَ ذُو وَلَدٍ وَنَسْلٍ وَنَفْيُهُ عَنْ نَبِيّهِ وَهُوَ يَقُولُ: {مَا كَانَ مُحَمّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الْأَحْزَابُ: ٤٠] الْآيَة. فَالْجَوَابُ أَنّ الْعَاصِيَ - وَإِنْ كَانَ ذَا وَلَدٍ - فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَلَيْسُوا بِأَتْبَاعِ لَهُ لِأَنّ الْإِسْلَامَ قَدْ حَجَزَهُمْ عَنْهُ فَلَا يَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَهُ وَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ مُحَمّدٍ عَلَيْهِ السّلَامُ، وَأَزْوَاجُهُ أُمّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ. كَمَا قَرَأَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ: وَأَزْوَاجُهُ أُمّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ وَالنّبِيّ أَوْلَى بِهِمْ كَمَا قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ فَهُمْ وَجَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ أَتْبَاعُ النّبِيّ فِي الدّنْيَا، وَأَتْبَاعُهُ فِي الْآخِرَةِ إلَى حَوْضِهِ وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute