للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْحِجْرِ، إذْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ فَجَلَسْت فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعُدْت إلَى مَضْجَعِي، فَجَاءَنِي الثّانِيَةَ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ فَجَلَسْت فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعُدْت إلَى مَضْجَعِي، فَجَاءَنِي الثّالِثَةَ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ فَجَلَسْت، فَأَخَذَ بِعَضُدِي، فَقُمْت مَعَهُ فَخَرَجَ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا دَابّةٌ أَبْيَض، بَيْنَ الْبَغْلِ - وَالْحِمَار - فِي فَخِذَيْهِ جَنَاحَانِ يَحْفِرُ بِهِمَا رِجْلَيْهِ يَضَعُ يَدَهُ فِي مُنْتَهَى طَرَفِهِ فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ ثُمّ خَرَجَ مَعِي لَا يَفُوتُنِي وَلَا أَفُوتُهُ"

حَدِيثُ قَتَادَة عَن مسراه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ، وَحُدّثْت عَنْ قَتَادَةَ أَنّهُ قَالَ حُدّثْت أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمّا دَنَوْت مِنْهُ لِأَرْكَبَهُ شَمَسَ فَوَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ ثُمّ قَالَ أَلَا تَسْتَحِي يَا بُرَاقُ مِمّا تَصْنَعُ فَوَاَللهِ مَا رَكِبَك عَبْدٌ لِلّهِ قَبْلَ مُحَمّدٍ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنْهُ. قَالَ فَاسْتَحْيَا حَتّى ارْفَضّ عَرَقًا، ثُمّ قَرّ حَتّى رَكِبْته"

عود إِلَى حَدِيث الْحسن عَن مسراه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسبب تَسْمِيَة أبي بكر: الصّديق:

قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَضَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ مَعَهُ حَتّى انْتَهَى بِهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَوَجَدَ فِيهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَأَمّهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلّى بِهِمْ ثُمّ أُتِيَ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا: خَمْرٌ وَفِي الْآخَرِ لَبَنٌ. قَالَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَاءَ اللّبَنِ فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَرَكَ إنَاءَ الْخَمْرِ. قَالَ

ــ

طَرَفٌ مِنْهُ وَإِنّمَا مَعْنَاهُ أَذَهَبَ نُورَهُمْ وَسَمْعَهُمْ. قُلْنَا: فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا: أَنّ النّورَ وَالسّمْعَ وَالْبَصَرَ كَانَ بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ وَقَدْ قَالَ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهَذَا مِنْ الْخَيْرِ الّذِي بِيَدِهِ وَإِذَا كَانَ بِيَدِهِ فَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ ذَهَبَ بِهِ عَلَى الْمَعْنَى الّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ كَائِنًا مَا كَانَ ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَعَلَيْهِ يَنْبَنِي ذَلِكَ الْمَعْنَى الْآخَرُ الّذِي فِي قَوْلِهِ: {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} مَجَازًا كَانَ أَوْ حَقِيقَةً أَلَا تَرَى أَنّهُ لَمّا ذَكَرَ الرّجْسَ كَيْفَ قَالَ: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ} [الْأَحْزَابُ: ٣٣] . وَلَمْ يَقُلْ يُذْهِبُ بِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ: {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشّيْطَانِ} [الْأَنْفَالُ ١١] تَعْلِيقًا لِعِبَادِهِ حُسْنَ الْأَدَبِ مَعَهُ حَتّى لَا يُضَافُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>