للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِعَامِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ فَارْتَدّ كَثِيرٌ مِمّنْ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ، وَرُوَاةُ الْحَدِيثَيْنِ حُفّاظٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرّوَايَتَيْنِ إلّا أَنْ يَكُونَ الْإِسْرَاءُ مَرّتَيْنِ وَكَذَلِكَ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنّهُ لَقِيَ إبْرَاهِيمَ فِي السّمَاءِ السّادِسَةِ وَمُوسَى فِي السّابِعَةِ وَفِي أَكْثَرِ الرّوَايَاتِ الصّحِيحَةِ أَنّهُ رَأَى إبْرَاهِيمَ عِنْدَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَلَقِيَ مُوسَى فِي السّادِسَةِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ أُتِيَ بِثَلَاثَةِ آنِيّةٍ أَحَدُهَا مَاءٌ فَقَالَ قَائِلٌ إنْ أَخَذَ الْمَاءَ غَرِقَ وَغَرِقَتْ أُمّتُهُ وَفِي إحْدَى رِوَايَاتِ الْبُخَارِيّ فِي الْجَامِعِ الصّحِيحِ أَنّهُ أُتِيَ بِإِنَاءِ فِيهِ عَسَلٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَاءَ وَالرّوَاةُ أَثَبَاتٌ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَكْذِيبِ بَعْضِهِمْ وَلَا تَوْهِينِهِمْ فَدَلّ عَلَى صِحّةِ الْقَوْلِ بِأَنّهُ كَانَ مَرّتَيْنِ وَعَادَ الِاخْتِلَافُ إلَى أَنّهُ كَانَ كُلّهُ حَقّا، وَلَكِنْ فِي حَالَتَيْنِ وَوَقْتَيْنِ مَعَ مَا يَشْهَدُ لَهُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ فَإِنّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ {ثُمّ دَنَا فَتَدَلّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} ثُمّ قَالَ {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النّجْمُ ٨ - ١١] فَهَذَا نَحْوُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَرَاهُ قَلْبُهُ وَعَيْنُهُ نَائِمَةٌ وَالْفُؤَادُ هُوَ الْقَلْبُ ثُمّ قَالَ {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} [النَّجْم: ١٢] وَلَمْ يَقُلْ مَا قَدْ رَأَى، فَدَلّ عَلَى أَنّ ثَمّ رُؤْيَةٌ أُخْرَى بَعْدَ هَذِهِ ثُمّ قَالَ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النَّجْم: ١٣] أَيْ فِي نَزْلَةٍ نَزَلَهَا جِبْرِيلُ إلَيْهِ مَرّةً فَرَآهُ فِي صُورَتِهِ الّتِي هُوَ عَلَيْهَا {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النَّجْم: ١٤-١٦] قَالَ يَغْشَاهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِي رِوَايَةٍ يَنْتَثِرُ مِنْهَا الْيَاقُوتُ وَثَمَرُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ ثُمّ قَالَ {مَا زَاغَ الْبَصَرُ} [النَّجْم: ١٧] وَلَمْ يَقُلْ الْفُؤَادُ كَمَا قَالَ فِي الّتِي قَبْلَ هَذِهِ فَدَلّ عَلَى أَنّهَا رُؤْيَةُ عَيْنٍ وَبَصَرٍ فِي النّزْلَةِ الْأُخْرَى، ثُمّ قَالَ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النَّجْم: ١٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>