للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّهَا حَرْبٌ رَبَاعِيَةٌ ... مِثْلُهَا آتَى الْفَتَى عِبَرَهْ

فَاسْأَلَا عِمْرَانَ أَوْ أَسَدًا ... إذْ أَتَتْ عَدْوًا مَعَ الزّهَرَهْ

فَيْلَقٌ فِيهَا أَبُو كَرِب ... سُبّغ أَبْدَانُهَا ذَفِرَهْ

ثُمّ قَالُوا: مِنْ نَؤُمّ بِهَا ... ابْنَيْ عَوْفٍ أُمّ النّجَره؟

بَلْ بَنِي النّجّارُ إنّ لَنَا ... فِيهِمْ قَتْلَى، وَإِنّ تِرَه

ــ

وَقَوْلُهُ عَدْوًا مَعَ الزّهَرَهْ. يُرِيدُ صَبّحَهُمْ بِغَلَسِ قَبْلَ مَغِيبِ الزّهَرَةِ وَقَوْلُهُ أَبْدَانُهَا ذَفِرَهْ يَعْنِي: الدّرُوعَ. وَذَفِرَةٌ مِنْ الذّفَرِ. وَهِيَ سُطُوعُ الرّائِحَةِ طَيّبَةً كَانَتْ أَوْ كَرِيهَةً. وَأَمّا الدّفْرُ بِالدّالِ الْمُهْمَلَةِ فَإِنّمَا هُوَ فِيمَا كَرِهَ مِنْ الرّوَائِحِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلدّنْيَا: أُمّ دَفْرٍ وَذَكَرَهُ الْقَالِيّ فِي الْأَمَالِي بِتَحْرِيكِ الْفَاءِ وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ وَالدّفْرُ بِالسّكُونِ أَيْضًا: الدّفْعُ.

وَقَوْلُهُ أَمّ النّجِرَةِ. جَمْعُ نَاجِرٍ وَالنّاجِرُ وَالنّجّارُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَهَذَا كَمَا قِيلَ الْمَنَاذِرَة فِي بَنِي الْمُنْذِرِ وَالنّجّارُ وَهُمْ تَيْمُ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ، وَسُمّيَ النّجّارَ لِأَنّهُ نَجَرَ وَجْهَ رَجُلٌ بِقَدّومِ فِيمَا ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ النّسَبِ.

وَقَوْلُهُ فِيهِمْ قَتْلَى وَإِنّ تِرَه. أَظَهَرَ إنّ بَعْدَ الْوَاوِ. أَرَادَ إنّ لَنَا قَتْلَى وَتِرَةٌ وَالتّرَةُ الْوِتْرُ فَأَظْهَرَ الْمُضْمَرَ وَهَذَا الْبَيْتُ شَاهِدٌ عَلَى أَنّ حُرُوفَ الْعَطْفَ يُضْمَرُ بَعْدَهَا الْعَامِلُ الْمُتَقَدّمُ نَحْوُ قَوْلِك: إنّ زَيْدًا وَعَمْرًا فِي الدّارِ فَالتّقْدِيرُ إنّ زَيْدًا، وَإِنّ عَمْرًا فِي الدّارِ وَدَلّتْ الْوَاوُ عَلَى مَا أَرَدْت، وَإِنْ احْتَجْت إلَى الْإِظْهَارِ أُظْهِرَتْ كَمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ إلّا أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ الْجَامِعَةُ فِي نَحْوِ اخْتَصَمَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، فَلَيْسَ ثَمّ إضْمَارٌ لِقِيَامِ الْوَاوِ مَقَامَ صِيغَةِ التّثْنِيَةِ كَأَنّك قُلْت: اخْتَصَمَ هَذَانِ وَعَلَى هَذَا تَقُولُ طَلَعَ الشّمْسُ وَالْقَمَرُ فَتُغَلّبُ الْمُذَكّرَ كَأَنّك قُلْت: طَلَعَ هَذَانِ النّيرَانِ فَإِنْ جَعَلْت الْوَاوَ هِيَ الّتِي تُضْمَرُ بَعْدَهَا الْفِعْلُ قُلْت: طَلَعَتْ الشّمْسُ وَالْقَمَرُ وَتَقُولُ فِي نَفْيِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: مَا طَلَعَ الشّمْسُ وَالْقَمَرُ وَنَفْيِ الْمَسْأَلَةِ الثّانِيَةِ مَا طَلَعَتْ الشّمْسُ وَلَا الْقَمَرُ تُعِيدُ حَرْفَ النّفْيِ. لِيَنْتَفِيَ بِهِ الْفِعْلُ الْمُضْمَرُ. وَيَتَفَرّعُ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>