للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيّدٌ سَامَى الْمُلُوكَ وَمَنْ ... رَامَ عَمْرًا لَا يَكُنْ قَدَرَهْ

وَهَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ يَزْعُمُونَ أَنّهُ إنّمَا كَانَ حَنَقَ تُبّعٍ عَلَى هَذَا الْحَيّ مِنْ يَهُودَ الّذِينَ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَإِنّمَا أَرَادَ هَلَاكَهُمْ فَمَنَعُوهُمْ مِنْهُ حَتّى انْصَرَفَ عَنْهُمْ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي شِعْرِهِ:

حَنَقًا عَلَى سِبْطَيْنِ حَلّا يَثْرِبَا ... أَوْلَى لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدِ

ــ

بَعْضِ مَسَائِلِهِ الشّيرَازِيّةِ.

وَقَوْلُهُ لَا يَكُنْ قَدَرُهُ. دُعَاءُ عَلَيْهِ وَالْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى عَمْرٍو. أَرَادَ لَا يَكُنْ قَدَرٌ عَلَيْهِ. وَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرّ فَتَعَدّى الْفِعْلُ فَنَصَبَ وَلَا يَجُوزُ حَذْفُ حَرْفِ الْجَرّ فِي كُلّ فِعْلٍ وَإِنّمَا جَازَ فِي هَذَا، لِأَنّهُ فِي مَعْنَى: اسْتَطَاعَهُ أَوْ أَطَاعَهُ فَحَمَلَ عَلَى مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَالْبَيْتُ الّذِي أَنْشَدَهُ:

لَيْتَ حَظّي مِنْ أَبِي كَرِب ... أَنْ يَسُدّ خَيْرُهُ خَبَلَهْ١

قَالَ الْبَرْقِيّ: نُسِبَ هَذَا الْبَيْتُ إلَى الْأَعْشَى، وَلَمْ يَصِحّ قَالَ وَإِنّمَا هُوَ لِعَجُوزِ مِنْ بَنِي سَالِمٍ. أَحَبّهُ قَالَ فِي اسْمِهَا: جَمِيلَةُ قَالَتْهُ حِينَ جَاءَ مَالِكُ بْنُ الْعَجْلَانِ بِخَبَرِ تُبّعٍ، فَدَخَلَ سِرّا، فَقَالَ لِقَوْمِهِ قَدْ جَاءَ تُبّعٌ، فَقَالَتْ الْعَجُوزُ الْبَيْتَ.

وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ تُبّعٍ: وَقَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنّ حَنَقَهُ إنّمَا كَانَ عَلَى هَذَيْنِ السّبْطَيْنِ مِنْ يَهُودَ يُقَوّي مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا عَنْهُ.

وَالشّعْرُ الّذِي زَعَمَ ابْنُ هِشَامٍ أَنّهُ مَصْنُوعٌ قَدْ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ التّيجَانِ وَهُوَ قَصِيدٌ مُطَوّلٌ أَوّلُهُ:

مَا بَالُ عَيْنِك لَا تَنَامُ كَأَنّمَا ... كُحِلَتْ مَآقِيُهَا بِسُمّ الْأَسْوَدِ


١ هُوَ ابْن ملك كرب يهأمن الَّذِي كَانَ على الْيمن سنة /٣٧٨م/، وَيظْهر أَن عقيدة التَّوْحِيد كَانَت مَعْرُوفَة فِي عَهده، وَفِي عهد من جاؤوا بعده. انْظُر "تَارِيخ الْعَرَب قبل الْإِسْلَام" ٣/١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>