للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا نَزَلَ فِيمَنْ طَلَبُوا الْعَهْدَ عَلَى الرّسُولِ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ:

قَالَ وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي الرّهْطِ الّذِينَ كَانُوا اجْتَمَعُوا إلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَ وَرَدّوا عَلَيْهِ مَا رَدّوا: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذّكْرِ بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزّةٍ وَشِقَاقٍ}

ــ

حَتّى يَرَاهَا جَدّ أَبِيك" وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ حَتّى يَدْخُلَهَا جَدّ أَبِيك، وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا دَخَلْت الْجَنّةَ وَفِي قَوْلِهِ جَدّ أَبِيك، وَلَمْ يَقُلْ جَدّك يَعْنِي: أَبَاهُ تَوْطِئَةً لِلْحَدِيثِ الضّعِيفِ الّذِي قَدّمْنَا ذِكْرَهُ أَنّ اللهَ أَحْيَا أُمّهُ وَأَبَاهُ وَآمَنَا بِهِ فَاَللهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ تَخْوِيفَهَا بِقَوْلِهِ "حَتّى يَدْخُلَهَا جَدّ أَبِيك" فَتَتَوَهّمُ أَنّهُ الْجَدّ الْكَافِرُ وَمِنْ جُدُودِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ إسْمَاعِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ لِأَنّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السّلَامُ حَقّ، وَبُلُوغُهَا مَعَهُمْ الْكُدَى لَا يُوجِبُ خُلُودًا فِي النّارِ فَهَذَا مِنْ لَطِيفِ الْكِنَايَةِ فَافْهَمْهُ وَحُكِيَ عَنْ هِشَامِ بْنِ السّائِبِ أَوْ ابْنِهِ أَنّهُ قَالَ لَمّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَمَعَ إلَيْهِ وُجُوهَ قُرَيْشٍ، فَأَوْصَاهُمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَنْتُمْ صَفْوَةُ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ وَقَلْبُ الْعَرَبِ، فِيكُمْ السّيّدُ الْمُطَاعُ وَفِيكُمْ الْمُقَدّمُ الشّجَاعُ وَالْوَاسِعُ الْبَاعِ وَاعْلَمُوا أَنّكُمْ لَمْ تَتْرُكُوا لِلْعَرَبِ فِي الْمَآثِرِ نَصِيبًا إلّا أَحْرَزْتُمُوهُ وَلَا شَرَفًا إلّا أَدْرَكْتُمُوهُ فَلَكُمْ بِذَلِكُمْ عَلَى النّاسِ الْفَضِيلَةُ وَلَهُمْ بِهِ إلَيْكُمْ الْوَسِيلَةُ وَالنّاسُ لَكُمْ حِزْبٌ وَعَلَى حَرْبِكُمْ أَلْبٌ وَإِنّي أُوصِيكُمْ بِتَعْظِيمِ هَذِهِ الْبَنِيّةِ فَإِنّ فِيهَا مَرْضَاةً لِلرّبّ وَقِوَامًا لِلْمَعَاشِ وَثَبَاتًا لِلْوَطْأَةِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَلَا تَقْطَعُوهَا، فَإِنّ فِي صِلَةِ الرّحِمِ مَنْسَأَةً فِي الْأَجَلِ وَسَعَةً فِي الْعَدَدِ وَاتْرُكُوا الْبَغْيَ وَالْعُقُوقَ فَفِيهِمَا هَلَكَةُ الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ أَجِيبُوا الدّاعِيَ وَأَعْطُوا السّائِلَ فَإِنّ فِيهِمَا شَرَفَ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ عَلَيْكُمْ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فَإِنّ فِيهِمَا مَحَبّةً فِي الْخَاصّ وَمَكْرُمَةً فِي الْعَامّ وَإِنّي أُوصِيكُمْ بِمُحَمّدِ خَيْرًا، فَإِنّهُ الْأَمِينُ فِي قُرَيْشٍ، وَالصّدّيقُ فِي الْعَرَبِ، وَهُوَ الْجَامِعُ لِكُلّ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ وَقَدْ جَاءَ بِأَمْرِ قَبِلَهُ الْجَنَانُ وَأَنْكَرَهُ اللّسَانُ مَخَافَةَ الشّنَآنِ وَأَيْمُ اللهِ كَأَنّي أَنْظُرُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>