فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ يَسُبّونَهُ وَيَصِيحُونَ بِهِ حَتّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النّاسُ وَأَلْجَئُوهُ إلَى حَائِطٍ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهُمَا فِيهِ وَرَجَعَ عَنْهُ مِنْ سُفَهَاءِ ثَقِيفٍ مَنْ كَانَ يَتْبَعُهُ فَعَمَدَ إلَى ظِلّ حَبَلَةٍ مِنْ عِنَبٍ فَجَلَسَ فِيهِ. ــ
الْحَبَلِ لِأَنّهَا تَحْمِلُ بِالْعِنَبِ وَلِذَلِكَ فُتِحَ حَمْلُ الشّجَرَةِ وَالنّخْلَةِ فَقِيلَ حَمْلٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ تَشْبِيهًا بِحَمْلِ الْمَرْأَةِ وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ حَمْلٌ بِالْكَسْرِ تَشْبِيهًا بِالْحَمْلِ الّذِي عَلَى الظّهْرِ وَمَنْ قَالَ فِي الْكَرْمَةِ حَبْلَةً بِسُكُونِ الْبَاءِ فَلَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ كَيْسَانَ فِي نَهْيِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ إنّهُ بَيْعُ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ التّمْرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ لَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ أَحَدٌ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ فِي الْأَرَضِينَ الّتِي اُفْتُتِحَتْ فِي زَمَانِهِ - وَقَدْ قِيلَ لَهُ قَسّمْهَا عَلَى الّذِينَ افْتَتَحُوهَا - فَقَالَ وَاَللهِ لَأَدَعَنّهَا حَتّى يُجَاهِدَ بِهَا حَبَلُ الْحَبَلَةِ يُرِيدُ أَوْلَادَهَا فِي الْبُطُونِ. ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَالْقَوْلُ الّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَقَعَ فِي كِتَابِ الْأَلْفَاظِ لِيَعْقُوبَ وَإِنّمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ دُخُولُ الْهَاءِ فِي الْحَبَلَةِ حَتّى قَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا كُلّهَا هَبَاءٌ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنّمَا قَالَ الْحَبَلَةَ لِأَنّهَا بَهِيمَةٌ أَوْ جَنِينَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ دَخَلَتْ لِلْجَمَاعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لِلْمُبَالَغَةِ وَهَذَا كُلّهُ يَنْعَكِسُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ حَبَلَ الْحَبَلَةِ فَإِنّهُ لَمْ تَدْخُلْ التّاءُ إلّا فِي أَحَدِ اللّفْظَيْنِ دُونَ الثّانِي، وَتَبْطُلُ أَيْضًا عَلَى مَنْ قَالَ أَرَادَ مَعْنَى الْبَهِيمَةِ بِحَدِيثِ عُمَرَ الْمُتَقَدّمِ وَإِنّمَا النّكْتَةُ فِي ذَلِكَ أَنّ الْحَبَلَ مَا دَامَ حَبَلًا لَا يُدْرَى: أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى، لَمْ يُسَمّ حَبَلًا، فَإِذَا كَانَتْ أُنْثَى، وَبَلَغَتْ حَدّ الْحَمْلِ فَحَبَلَتْ فَذَاكَ الْحَبَلُ هُوَ الّذِي نَهَى عَنْ بَيْعِهِ وَالْأَوّلُ قَدْ عُلِمَتْ أُنُوثَتُهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَعَبّرَ عَنْهُ بِالْحَبَلَةِ وَصَارَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْجَنِينَةِ الّتِي كَانَتْ حَبَلًا لَا يُعْرَفُ مَا هِيَ ثُمّ عُرِفَ بَعْدَ الْوَضْعِ وَكَذَلِكَ فِي الْآدَمِيّينَ فَإِذًا لَا يُقَالُ لَهَا: حَبَلَةٌ إلّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute