للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُضَيْرٍ لَا أَبَالَك لَك، انْطَلِقْ إلَى هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ اللّذَيْنِ قَدْ أَتَيَا دَارَيْنَا لِيُسَفّهَا ضُعَفَاءَنَا فَازْجُرْهُمَا وَانْهَهُمَا عَنْ أَنْ يَأْتِيَا دَارَيْنَا، فَإِنّهُ لَوْلَا أَنّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنّي حَيْثُ قَدْ عَلِمْت كَفَيْتُك ذَلِكَ هُوَ ابْنُ خَالَتِي، وَلَا أَجِدُ عَلَيْهِ مُقَدّمًا، قَالَ فَأَخَذَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ حَرْبَتَهُ ثُمّ أَقْبَلَ إلَيْهِمَا، فَلَمّا رَآهُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ قَالَ لِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ هَذَا سَيّدُ قَوْمِهِ قَدْ جَاءَك، فَاصْدُقْ اللهَ فِيهِ قَالَ مُصْعَبٌ إنْ يَجْلِسْ أُكَلّمْهُ. قَالَ فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتّمًا، فَقَالَ مَا جَاءَ بِكُمَا إلَيْنَا تُسَفّهَانِ ضُعَفَاءَنَا؟ اعْتَزِلَانَا إنْ كَانَتْ لَكُمَا بِأَنْفُسِكُمَا حَاجَةٌ فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ أوَ تَجْلِسُ فَتَسْمَعُ فَإِنْ رَضِيت أَمْرًا قَبِلْته، وَإِنْ كَرِهْته كُفّ عَنْك مَا تَكْرَهُ؟ قَالَ أَنْصَفْت، ثُمّ رَكَزَ حَرْبَتَهُ وَجَلَسَ إلَيْهِمَا، فَكَلّمَهُ مُصْعَبٌ بِالْإِسْلَامِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَقَالَا: فِيمَا يُذْكَرُ عَنْهُمَا: وَاَللهِ لَعَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلّمَ فِي إشْرَاقِهِ وَتَسَهّلِهِ ثُمّ قَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَجْمَلَهُ كَيْفَ تَصْنَعُونَ إذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي هَذَا الدّينِ؟ قَالَا لَهُ تَغْتَسِلُ فَتَطّهّرُ وَتُطَهّرُ ثَوْبَيْك، ثُمّ تَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقّ

ــ

هَلْ يَغْتَسِلُ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ؟

وَذَكَرَ فِيهِ اغْتِسَالَهُمَا حِينَ أَسْلَمَا بِأَمْرِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لَهُمَا بِذَلِكَ فَذَلِكَ السّنّةُ فِي كُلّ كَافِرٍ يُسْلِمُ ثُمّ اُخْتُلِفَ فِي نِيّةِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ بِاغْتِسَالِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْوِي التّعَبّدَ وَلَا حُكْمَ لِلْجَنَابَةِ فِي حَقّهِ لِأَنّ مَعْنَى الْأَمْرِ بِهِ اسْتِبَاحَةُ الصّلَاةِ وَالْكَافِرُ لَا يُصَلّي، وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا فِي أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ وَلَكِنّهُ أَمْرٌ مَشْرُوطٌ بِالْإِيمَانِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْإِيمَانُ وَهُوَ الشّرْطُ الْأَوّلُ فَأَجْدِرْ بِأَنْ يَكُونَ - الشّرْطُ الثّانِي - وَهُوَ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ غَيْرَ مُقَيّدٍ بِشَيْءِ فَإِذَا أَسْلَمَ هَدَمَ الْإِسْلَامُ مَا كَانَ قَبْلَهُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَةُ صَلَاةٍ مَضَتْ وَإِذَا سَقَطَتْ الصّلَوَاتُ سَقَطَتْ عَنْهَا شُرُوطُهَا، وَاسْتَأْنَفَ الْأَحْكَامَ الشّرْعِيّةَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الصّلَوَاتُ مِنْ حِينِ يُسْلِمُ بِشُرُوطِ أَدَائِهَا مِنْ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ مِنْ جَنَابَةٍ إذَا أَجْنَبَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ صِحّةِ الصّلَاةِ وَرَأَيْت لِبَعْضِ الْمُتَأَخّرِينَ أَنّ اغتساله سنة لافريضة وَلَيْسَ عِنْدِي بِالْبَيّنِ لِأَنّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُول ِ {نَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التّوْبَةَ ٢٨] وَحُكْمُ النّجَاسَةِ إنّمَا يُرْفَعُ بِالطّهَارَةِ وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِمْ بِالتّنْجِيسِ لِمَوْضِعِ الْجَنَابَةِ لِأَنّهُ قَدْ عَلّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>