قَالَ ابْن إِسْحَاق: وحَدثني عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنّهُمْ أَتَوْا عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ كَعْبٌ مِنْ الْقَوْلِ فَقَالَ لَهُمْ إنّ هَذَا الْأَمْرَ جَسِيمٌ، مَا كَانَ قَوْمِي لِيَتَفَوّتُوا عَلَيّ بِمِثْلِ هَذَا، وَمَا عَلِمْته كَانَ قَالَ فانصرفوا عَنهُ.
خُرُوج قُرَيْش فِي طلب الْأَنْصَارَ:
قَالَ وَنَفَرَ النّاسُ مِنْ مِنَى، فَتَنَطّسَ الْقَوْمُ الْخَبَرَ، فَوَجَدُوهُ قَدْ كَانَ وَخَرَجُوا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ فَأَدْرَكُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بِأَذَاخِرَ وَالْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو، أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَكِلَاهُمَا كَانَ نَقِيبًا. فَأَمّا الْمُنْذِرُ فَأَعْجَزَ الْقَوْمَ وَأَمّا سَعْدٌ فَأَخَذُوهُ فَرَبَطُوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقِهِ بِنِسْعِ رَحْلِهِ ثُمّ أَقْبَلُوا بِهِ حَتّى أَدْخَلُوهُ مَكّةَ يَضْرِبُونَهُ وَيَجْذِبُونَهُ بِجُمّتِهِ وَكَانَ ذَا شَعْرٍ كَثِيرٍ.
خَلَاصُ بْنِ عُبَادَةَ من أسر قُرَيْش، وَمَا قيل فِي ذَلِك من شعر:
قَالَ سَعْدٌ فَوَاَللهِ إنّي لَفِي أَيْدِيهِمْ إذْ طَلَعَ عَلَيّ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ رَجُلٌ وَضِيءٌ أَبْيَضُ شَعْشَاعٌ حُلْوٌ مِنْ الرّجَالِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الطّوِيلُ الْحَسَنُ قَالَ رُؤْبَةُ يَمْطُوهُ مِنْ شَعْشَاعِ غَيْرِ مُودَنٍ. يَعْنِي عُنُقُ الْبَعِيرِ غَيْرُ قَصِيرٍ يَقُولُ مُودَنَ الْيَدِ أَيْ نَاقِصَ الْيَدِ يَمْطُوهُ مِنْ السّيْرِ
قَالَ قُلْت فِي نَفْسِي: إنْ يَكُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْقَوْمِ خَيْرٌ فَعِنْدَ هَذَا، قَالَ فَلَمّا دَنَا مِنّي رَفَعَ يَدَهُ فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً. قَالَ قُلْت فِي نَفْسِي: لَا وَاَللهِ مَا عِنْدَهُمْ بَعْدَ هَذَا مِنْ خَيْرٍ. قَالَ فَوَاَللهِ إنّي لَفِي أَيْدِيهِمْ يَسْحَبُونَنِي إذْ أَوَى لِي رَجُلٌ مِمّنْ كَانَ مَعَهُمْ فَقَالَ وَيْحَك أَمَا بَيْنَك وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ جِوَارٌ وَلَا عَهْدٌ؟ قَالَ قُلْت: بَلَى، وَاَللهِ لَقَدْ كُنْت أُجِيرُ لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ تِجَارَةً وَأَمْنَعُهُمْ مِمّنْ أَرَادَ ظُلْمَهُمْ بِبِلَادِي، وَلِلْحَارِثِ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ وَيْحَك فَاهْتِفْ. بِاسْمِ الرّجُلَيْنِ وَاذْكُرْ مَا بَيْنَك وَبَيْنَهُمَا. قَالَ:
ــ
مِنْ أَلْقَابِ الطّوِيلِ:
وَذَكَرَ قَوْلَ سَعْدٍ حِينَ أَسَرَتْهُ قُرَيْشٌ: فَأَتَانِي رَجُلٌ وَضِيءٌ شَعْشَاعٌ. وَالشّعْشَعُ وَالشّعْشَعَانِيّ وَالشّعْشَعَانُ الطّوِيلُ مِنْ الرّجَالِ وَكَذَلِكَ السّلْهَبُ وَالصّعْقَبُ وَالشّوْقَبُ وَ [الشّرْعَبُ] وَالشّرْجَبُ وَالْخِبَقّ وَالشّوْذَبُ الطّوِيلُ مَعَ رِقّةٍ فِي أَسْمَاءٍ كَثِيرَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute