للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاتَ وَإِنْ طَالَبَ بِالوَغْمِ اقْتَدَرْ

إِذَا الكِرَامُ ابْتَدَرُوا البَاعَ ابْتَدَرْ

دَانَى جَنَاحَيْهِ مِنَ الطُّورِ فَمَرْ

تَقَضِّيَ. . . . . . . . . .

وَ"الوَغْمُ": الحِقْدُ. وَ"البَاعُ": الشَّرَفُ. سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ

إِلَيْهِ إِلَّا بِامْتِدَادِ البَاعِ وَقَوْلُهُ: "دَانَى جَنَاحَيْهِ"، أَيْ: ضَمَّهُمَا إِلَى نَفْسِهِ. شَبَّهَهُ بِالطَّائِرِ انْقَضَّ عَلَى الصَّيْدِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَبَّهَهُ بِالعُقَابِ، وَشَبَّهَ الجَيْشَ حَوْلَهُ بِالجَنَاحَيْنِ، لأَنَّ جَيْشَهُ أَنْهَضَهُ إِلَى مَا أَرَادَ كَمَا يُنْهِضُ العُقَابَ جَنَاحَاهَا. وَ [أَخَذَ] (١) أبُو الطَيِّبِ هَذَا الْمَعْنَى فَأَبْدَعَ فِيهِ فِي قَوْلِهِ: (وافر)

يَهُزُّ الجَيْشُ حَوْلَكَ جَانِبَيْهِ … كَمَا نَفَضَتْ جَنَاحَيْهَا العُقَابُ (٢)

وَمَعْنَى "كَسَرَ": ضَمَّ جَنَاحَيْهِ وَانْقَضَّ. وَأَرَادَ تَقَضْضَ فَأَبْدَلَ الضَّادَ الَّتِي هِيَ لَامٌ يَاءً اسْتِثْقَالًا لاجْتِمَاعِ الأَمْثَالِ، وَكَسَرَ مَا قَبْلَهَا لِتَصِحَّ، وَانْتِصَابُهُ عَلَى المَصْدَرِ الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: دَانَى مُدَانَاةً مِثْلَ تَقَضِّي البَازِي [أَوْ مَرَّ مُرُورًا مِثْلَ تَقَضِّي البَازِي] (٣). وَالأَجْوَدُ: حَمْلُهُ عَلَى الْمُرُورِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وَفِيهِ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْمَجَازِ، وَذَلِكَ أَنَّ مُرُورَهُ وَمُدَانَاتَهُ جَنَاحَيْهِ تُفِيدُ مَعْنَى الْانْقِضَاضِ. فَكَأَنَّهُ قَالَ: تَقَضَّى تَقَضِّيَ البَازِي: فَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَحْمُولَةِ عَلَى الْمَعْنَى" (٤).

د: أَصْلُ تَصْدِيَةٍ (٥): تَصْدِدَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الصَّدَى، وَهُوَ الصَّوْتُ.

قَوْلُهُ: "يَصِدُّونَ (٦) أَيْ: يَضِجُّونَ" (٧).


(١) في الاقتضاب: ٣/ ٢١٦ "سرق".
(٢) ديوانه: ١/ ٢٠٥.
(٣) زيادة من الشارح.
(٤) الاقتضاب: ٣/ ٩٧ - ٢٩٨.
(٥) أدب الكتاب: ٤٨٨.
(٦) واللفظة جزء من الآية ٥٧ من سورة الزخرف: ﴿إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ﴾.
(٧) أدب الكتاب: ٤٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>